ما أن سمعت بنبأ إلغاء رسم الفيزا بين سورية و تركية ، حتى عقدت العزم
على الاكتفاء من تمضية العيد كالعادة في البدروسية و رأس البسيط ، و
توجهت أنا و أهل بيتي و أولادي الأربعة باتجاه باب الهوى وهو المنفذ
الحدودي الأقرب إلينا في حلب .
من بعيد رأيت بوابتين مخصصتين لدخول رتلين من السيارات . في ظل الغياب
الكامل لرجال الشرطة الذين يفترض بهم تنظيم السير ، فسارعت مع أقراني
للـ " مطاحشة " ، و تشكيل ما يزيد على عشرة ارتال عرضية سدت الطريق
أمام هاتين البوابتين الضيقتين ، و بدأنا جميعا بممارسة الطقس اليومي
بالمزاحمة و " المطاحشة "و التدفيش .
ازداد توتر الأجواء و ارتفع الصياح و السباب، و استطعت كالعادة
بفهلويتي المعهودة تجاوز دور غيري , و النفاذ إلى الداخل و تجاوزت رجال
الحدود السوريين المحافظين على تقاليدهم التي بات من الممل اعادة
الحديث عنها.
انطلقت باتجاه الجانب الثاني من الحدود ، فوجئت ببوابة واحدة معدة
لدخول السيارات في رتل واحد فقط ، و فوجئت أن ذات السيارات التي كانت
تتزاحم قبل قليل ، تقف بانتظام برتل واحد طوله مئات الامتار دون أي
خلل.
وبما أن " الفهلوة " هي طريقتنا المعتادة في الخروج من المآزق , خرجت
عن الدور و قمت بتشكيل رتل ثان ، ففوجئت برجال الشرطة و الجمارك
الأجانب المنتشرين بأعداد كبيرة على طول الطريق , والذين قاموا بتنبيهي
، وإعادتي إلى الطريق القويم .
بعدما عبرنا جميعا بيسر و سهولة ، و بسبب النظام الشديد..... بدأت اشعر
بالغربة.
وصلت الفندق ، فإذ به كالقصر ، " قطافة " و نظافة و أبهة و فخامة ، و
استلمت غرفتنا المهيبة المجهزة بكل شيء .
بدأت فورا بطلب المزيد من البشاكير و المخدات و الشراشف و علب
الشامبو و الصابون ، وكل شيء يمكن أن احصل عليه مجانا ، فالأمر مكسب و
أنا دافع مصاري .
شاهدت مسبحا ضخما من نافذة الغرفة ، و تمسكا بتراثنا التليد ارتديت
اللباس التقليدي ( الجلابية و الجاروخ أبو إصبع ) ، و طلبت من زوجتي
أن ترتدي كل ما لديها من ثياب تمسكا بالحشمة ، و نزلنا مع الأولاد إلى
المسبح .
لم افهم لماذا ينظر لي الجميع باستغراب و أنا ارتدي " جلابيتي "، و
زوجتي ترتدي كل ما لديها من ثياب على ضفة المسبح ، بل كانوا ينظرون
باستغراب أيضا إلى احد أقراني الذي ارتدى طقمه الفرنجي الكامل (
الجاكيت و القميص و البنطلون ) و نزل إلى ضفة المسبح أيضا .
طلبت من أهل بيتي ( زوجتي ) - و هي مثقلة بما ترتدي - أن تجلس في منطقة
بعيدة متطرفة كي لا تنكشف على احد ، و سارعت أنا للقيام بجولة أشاهد
فيها نساءهم ترتدين لباس البحر ، و أبحلق فيهن براحتي ......ما دمت
مطمئنا إلى جلوس زوجتي في منطقة متطرفة لا يستطيع رجالهم رؤيتها فيه .
سارع الأولاد إلى " الزحليطات المائية " التي تصعد إليها بدرج ثم تنحدر
عليها بسرعة شديدة إلى المسبح ، و لكن أولادي الذين ورثوا " فهلويتي "
و بتشجيع مني ، أدركوا أن الصعود على " الزحليطة " مباشرة بعكس اتجاه
النازلين بسرعة عليها ، أمتع من الصعود على الدرج و النزول من أعلى "
الزحليطة " .
لم افهم لماذا يصيح جميع النازلين استهجانا لما يفعل أولادي ، و لم
افهم لماذا يصفر المشرف على المسبح بصفارته بهذه الشدة .
احترت كيف سيسبح ابني الصغير و هو يرتدي ( الحفاض ) فكلما وضعته في
الماء يمتلئ حفاضه بالماء ، و أخيرا قررت أن يسبح كما ولدته أمه فأنا
من أنصار العودة إلى أمنا الطبيعة . لم افهم لماذا خرج جميع من حولي من
الماء .
و عندما ألحت زوجتي أن تنزل إلى الماء قلت لا بأس بشرط أن تسبحي بما
ترتدي من ألبسة كاملة ( على الرغم من أن ألبستها ما أن تبتل بالماء حتى
تلتصق بجسدها ) فأنا محافظ و أحب الحشمة ،و أصر على ارتياد مسابح
العائلات .
سارعت إلى المطعم عندما سمعت بالوجبة المفتوحة المجانية ، وصرت احمل
أكواما من الأطعمة في صحون فوق بعضها البعض ، و أضعها على طاولتي أمام
أسرتي .
عندما سألتني زوجتي ماذا سنفعل بكل هذه الكميات قلت لها : " كلي أقصى
ما تستطيعين ، مكسب يا عزيزتي ، نحنا قاعدين بمصراتنا " .
فوجئت بمن حولي يجلب صحنا واحدا فقط ، فيه نوع واحد فقط من الطعام يكفي
شخصا واحدا طبيعيا .
طلبت من الأولاد أن يضعوا في جيوبهم قدر ما يستطيعون من معلبات الزبدة
و المربى و العسل ، فربما نجوع بعدها ( على الرغم من وجود ثلاث وجبات
يومية مجانية كاملة ).
قمنا و الأكل كما هو لم نأكل منه سوى سعة بطوننا، ليحمله الجرسون و
يرميه في القمامة ( معلش العين كمان بدها تشبع ) .
تساقطت علب الزبدة من جيوب ابني الصغير ودعس فوقها فانفجرت العلب بما
فيها على الأرض ، حملته بسرعة كي لا يرانا مسؤلوا الفندق ، و أنا انوي
زيادة جرعات " الفهلوة " لديه كي يضع العلب عميقا في جيوبه، و لا يقع
في أخطاء كهذه في المرة القادمة. على الرغم من بقاء الزبدة على الأرض و
خطورة أن يتزحلق بسببها من يأتي خلفنا ( ليست مشكلتي ).
آن أوان السيجارة المعتادة بعد طعام الغداء ، طلبت منفضة السجائر ,
فقالوا لي : لا يوجد أي منفضة في الفندق ، فالتدخين ممنوع منعا باتا
داخل مبنى الفندق كاملا ، و لا يوجد أبدا من يدخن فيه - بعد صدور
قانون يمنع التدخين في الأماكن العامة – و على من يرغب بالتدخين
الذهاب للمكان المخصص لذلك في الخارج ( أمام مدخل الفندق) .
شاهدت المكان الانيق المخصص لذلك ، و قد جلس فيه البعض بهدوء ، يدخنون
و أمامهم منافض سجائرهم ، فلم يعجبني أن اخرج من الفندق كلما رغبت
بالتدخين ، و شعرت انه اعتداء صارخ على حريتي الشخصية .
و بـ "فهلويتي " المعروفة صعدت إلى الطابق الأخير في الفندق، لأشاهد
مجموعة من أقراني - يماثلونني فهلوية - يزدحمون وقوفا في ممر متطرف بين
غرف الطابق الأخير، يدخنون و يرمون أعقاب السجائر على الموكيت... فلم
اشعر بالغربة حينها .
نزلت بعدها إلى المركز الصحي للفندق و دخلت " الساونا " ، و ما أن جلست
قليلا حتى انقطعت الكهرباء للحظة - لم تتكرر بعدها - ثرت صائحا بهم:
كيف تنقطع الكهرباء في فندق كهذا , فاعتذر المشرف بشدة و همس بأذني "
حتى لا تشعر بالغربة " .
نزل أولادي " الحلوين " إلى قسم الألعاب الكهربائية في الفندق ، و ظلوا
يضغطون الأزرار باستمرار و بشدة و بعنف ، و أنا بجانبهم أشجعهم ، حتى
توقفت الألعاب تماما عن العمل .
في المساء ، شعرت بالحنين لجلساتي المفضلة على اوتوستراد المحلق و
اشتهت نفسي " الاركيلة " ، سارعت إلى سيارتي ، أخرجت شنطة " الاركيلة "
و الغاز الصغير و بدأت بإشعال الفحم في الشارع ، جلست على الرصيف أمام
المدخل الرئيسي الفندق و أمامي حدائقه الجميلة ، استمتع بالمعسل و
أراقب الداخلين و الخارجين , فأحسست بذات الشعور على شارع المحلق .
آن أوان الرحيل فطلبت من زوجتي أن تجمع كل ما يمكن حمله من غرفة الفندق
، فـــ" نحنا دافعين مصاري و بدنا نطالعها " ، جمعنا كل ما يمكن حمله
. و لكنني عجزت عن انتزاع " لمبات " الإضاءة المثبتة بطريقة لعينة لم
تنجح معها " فهلويتي " .
وقفنا أمام المصعد ،و ضغطت على الزر الذي أضاء إيذانا بنزول المصعد
الذي تأخر قليلا لوجود العديد من المغادرين .
و " بفهلويتي " أدركت انه كلما ضغطت على الزر الكهربائي للمصعد
باستمرار و شدة كلما نزل بشكل أسرع.
و يبدو أن أقراني - المغادرين معي - من ساكني مختلف الطوابق يعرفون هذه
المعلومة أيضا ، فقمنا بها جميعا ، إلى أن توقف المصعد تماما عن العمل
و احتاج للصيانة , لا بأس فنحن في الطابق الاول ،والنزول سهل .
غادرنا الفندق مودعين ، غير مأسوف علينا .
انتهت المذكرات
كتبت هذه المشاهدات مما رأيته و سمعته في رحلتي تلك- و لئلا يتهمني احد
بالاستعلاء - ربما فعلت أنا أيضا بعضٌ مما ذكرت.
كنت أشعر بالاسف و الخجل و أسأل نفسي باستمرار :
لماذا نمارس هذه الهمجية ، و لماذا ابتعدنا عن التصرفات الحضارية و نحن
من بلد عريق تجذرت فيه الحضارة و الأخلاق .
لماذا نفعل ما نفعل على الرغم من أن عقيدتنا الدينية تنهانا عن جميع ما
شاهدته من ممارسات .
ما الذي جرى حتى تحولنا إلى مجتمع مخرب لا يحترم القانون ، ينظف داخل
بيته و يرمي بأوساخه في كل مكان.
هل هناك إمكانية أن نعود إلى أخلاقنا و حضارتنا في المدى المنظور...و
ما هي الوسيلة لذلك. .
ربما تكون الشدة في تطبيق القوانين هي الحل فقد التزم الجميع بارتداء
حزام الأمان فور صدور قانون السير الجديد و مخالفة من لا يضعه ( أو
مضاعفة التسعيرة الفورية لرجال الشرطة ).
عندما صدر قانون ( منع التدخين في الأماكن العامة ) لدينا لم يكترث به
احد، صدر قانون ( النظافة العامة ) منذ سنوات ، و هو قانون إذا طبق
صارت بلادنا أنظف من أنظف بلاد العالم ، لكنه لم يطبق أبدا.
هل تكفي الشدة في تطبيق القانون لعودة الأخلاق و الحضارة، أم أن الأمر
يحتاج الى غير ذلك الكثير........
عكس السير
* علاء السيد محام سوري له مجموعة من الأبحاث والدراسات في مجال
التاريخ وعدة مقالات المنشورة - له كتاب ( حلب العثمانية ) قيد الطبع -
المستشار القانوني لموقع عكس السير الإخباري
على الاكتفاء من تمضية العيد كالعادة في البدروسية و رأس البسيط ، و
توجهت أنا و أهل بيتي و أولادي الأربعة باتجاه باب الهوى وهو المنفذ
الحدودي الأقرب إلينا في حلب .
من بعيد رأيت بوابتين مخصصتين لدخول رتلين من السيارات . في ظل الغياب
الكامل لرجال الشرطة الذين يفترض بهم تنظيم السير ، فسارعت مع أقراني
للـ " مطاحشة " ، و تشكيل ما يزيد على عشرة ارتال عرضية سدت الطريق
أمام هاتين البوابتين الضيقتين ، و بدأنا جميعا بممارسة الطقس اليومي
بالمزاحمة و " المطاحشة "و التدفيش .
ازداد توتر الأجواء و ارتفع الصياح و السباب، و استطعت كالعادة
بفهلويتي المعهودة تجاوز دور غيري , و النفاذ إلى الداخل و تجاوزت رجال
الحدود السوريين المحافظين على تقاليدهم التي بات من الممل اعادة
الحديث عنها.
انطلقت باتجاه الجانب الثاني من الحدود ، فوجئت ببوابة واحدة معدة
لدخول السيارات في رتل واحد فقط ، و فوجئت أن ذات السيارات التي كانت
تتزاحم قبل قليل ، تقف بانتظام برتل واحد طوله مئات الامتار دون أي
خلل.
وبما أن " الفهلوة " هي طريقتنا المعتادة في الخروج من المآزق , خرجت
عن الدور و قمت بتشكيل رتل ثان ، ففوجئت برجال الشرطة و الجمارك
الأجانب المنتشرين بأعداد كبيرة على طول الطريق , والذين قاموا بتنبيهي
، وإعادتي إلى الطريق القويم .
بعدما عبرنا جميعا بيسر و سهولة ، و بسبب النظام الشديد..... بدأت اشعر
بالغربة.
وصلت الفندق ، فإذ به كالقصر ، " قطافة " و نظافة و أبهة و فخامة ، و
استلمت غرفتنا المهيبة المجهزة بكل شيء .
بدأت فورا بطلب المزيد من البشاكير و المخدات و الشراشف و علب
الشامبو و الصابون ، وكل شيء يمكن أن احصل عليه مجانا ، فالأمر مكسب و
أنا دافع مصاري .
شاهدت مسبحا ضخما من نافذة الغرفة ، و تمسكا بتراثنا التليد ارتديت
اللباس التقليدي ( الجلابية و الجاروخ أبو إصبع ) ، و طلبت من زوجتي
أن ترتدي كل ما لديها من ثياب تمسكا بالحشمة ، و نزلنا مع الأولاد إلى
المسبح .
لم افهم لماذا ينظر لي الجميع باستغراب و أنا ارتدي " جلابيتي "، و
زوجتي ترتدي كل ما لديها من ثياب على ضفة المسبح ، بل كانوا ينظرون
باستغراب أيضا إلى احد أقراني الذي ارتدى طقمه الفرنجي الكامل (
الجاكيت و القميص و البنطلون ) و نزل إلى ضفة المسبح أيضا .
طلبت من أهل بيتي ( زوجتي ) - و هي مثقلة بما ترتدي - أن تجلس في منطقة
بعيدة متطرفة كي لا تنكشف على احد ، و سارعت أنا للقيام بجولة أشاهد
فيها نساءهم ترتدين لباس البحر ، و أبحلق فيهن براحتي ......ما دمت
مطمئنا إلى جلوس زوجتي في منطقة متطرفة لا يستطيع رجالهم رؤيتها فيه .
سارع الأولاد إلى " الزحليطات المائية " التي تصعد إليها بدرج ثم تنحدر
عليها بسرعة شديدة إلى المسبح ، و لكن أولادي الذين ورثوا " فهلويتي "
و بتشجيع مني ، أدركوا أن الصعود على " الزحليطة " مباشرة بعكس اتجاه
النازلين بسرعة عليها ، أمتع من الصعود على الدرج و النزول من أعلى "
الزحليطة " .
لم افهم لماذا يصيح جميع النازلين استهجانا لما يفعل أولادي ، و لم
افهم لماذا يصفر المشرف على المسبح بصفارته بهذه الشدة .
احترت كيف سيسبح ابني الصغير و هو يرتدي ( الحفاض ) فكلما وضعته في
الماء يمتلئ حفاضه بالماء ، و أخيرا قررت أن يسبح كما ولدته أمه فأنا
من أنصار العودة إلى أمنا الطبيعة . لم افهم لماذا خرج جميع من حولي من
الماء .
و عندما ألحت زوجتي أن تنزل إلى الماء قلت لا بأس بشرط أن تسبحي بما
ترتدي من ألبسة كاملة ( على الرغم من أن ألبستها ما أن تبتل بالماء حتى
تلتصق بجسدها ) فأنا محافظ و أحب الحشمة ،و أصر على ارتياد مسابح
العائلات .
سارعت إلى المطعم عندما سمعت بالوجبة المفتوحة المجانية ، وصرت احمل
أكواما من الأطعمة في صحون فوق بعضها البعض ، و أضعها على طاولتي أمام
أسرتي .
عندما سألتني زوجتي ماذا سنفعل بكل هذه الكميات قلت لها : " كلي أقصى
ما تستطيعين ، مكسب يا عزيزتي ، نحنا قاعدين بمصراتنا " .
فوجئت بمن حولي يجلب صحنا واحدا فقط ، فيه نوع واحد فقط من الطعام يكفي
شخصا واحدا طبيعيا .
طلبت من الأولاد أن يضعوا في جيوبهم قدر ما يستطيعون من معلبات الزبدة
و المربى و العسل ، فربما نجوع بعدها ( على الرغم من وجود ثلاث وجبات
يومية مجانية كاملة ).
قمنا و الأكل كما هو لم نأكل منه سوى سعة بطوننا، ليحمله الجرسون و
يرميه في القمامة ( معلش العين كمان بدها تشبع ) .
تساقطت علب الزبدة من جيوب ابني الصغير ودعس فوقها فانفجرت العلب بما
فيها على الأرض ، حملته بسرعة كي لا يرانا مسؤلوا الفندق ، و أنا انوي
زيادة جرعات " الفهلوة " لديه كي يضع العلب عميقا في جيوبه، و لا يقع
في أخطاء كهذه في المرة القادمة. على الرغم من بقاء الزبدة على الأرض و
خطورة أن يتزحلق بسببها من يأتي خلفنا ( ليست مشكلتي ).
آن أوان السيجارة المعتادة بعد طعام الغداء ، طلبت منفضة السجائر ,
فقالوا لي : لا يوجد أي منفضة في الفندق ، فالتدخين ممنوع منعا باتا
داخل مبنى الفندق كاملا ، و لا يوجد أبدا من يدخن فيه - بعد صدور
قانون يمنع التدخين في الأماكن العامة – و على من يرغب بالتدخين
الذهاب للمكان المخصص لذلك في الخارج ( أمام مدخل الفندق) .
شاهدت المكان الانيق المخصص لذلك ، و قد جلس فيه البعض بهدوء ، يدخنون
و أمامهم منافض سجائرهم ، فلم يعجبني أن اخرج من الفندق كلما رغبت
بالتدخين ، و شعرت انه اعتداء صارخ على حريتي الشخصية .
و بـ "فهلويتي " المعروفة صعدت إلى الطابق الأخير في الفندق، لأشاهد
مجموعة من أقراني - يماثلونني فهلوية - يزدحمون وقوفا في ممر متطرف بين
غرف الطابق الأخير، يدخنون و يرمون أعقاب السجائر على الموكيت... فلم
اشعر بالغربة حينها .
نزلت بعدها إلى المركز الصحي للفندق و دخلت " الساونا " ، و ما أن جلست
قليلا حتى انقطعت الكهرباء للحظة - لم تتكرر بعدها - ثرت صائحا بهم:
كيف تنقطع الكهرباء في فندق كهذا , فاعتذر المشرف بشدة و همس بأذني "
حتى لا تشعر بالغربة " .
نزل أولادي " الحلوين " إلى قسم الألعاب الكهربائية في الفندق ، و ظلوا
يضغطون الأزرار باستمرار و بشدة و بعنف ، و أنا بجانبهم أشجعهم ، حتى
توقفت الألعاب تماما عن العمل .
في المساء ، شعرت بالحنين لجلساتي المفضلة على اوتوستراد المحلق و
اشتهت نفسي " الاركيلة " ، سارعت إلى سيارتي ، أخرجت شنطة " الاركيلة "
و الغاز الصغير و بدأت بإشعال الفحم في الشارع ، جلست على الرصيف أمام
المدخل الرئيسي الفندق و أمامي حدائقه الجميلة ، استمتع بالمعسل و
أراقب الداخلين و الخارجين , فأحسست بذات الشعور على شارع المحلق .
آن أوان الرحيل فطلبت من زوجتي أن تجمع كل ما يمكن حمله من غرفة الفندق
، فـــ" نحنا دافعين مصاري و بدنا نطالعها " ، جمعنا كل ما يمكن حمله
. و لكنني عجزت عن انتزاع " لمبات " الإضاءة المثبتة بطريقة لعينة لم
تنجح معها " فهلويتي " .
وقفنا أمام المصعد ،و ضغطت على الزر الذي أضاء إيذانا بنزول المصعد
الذي تأخر قليلا لوجود العديد من المغادرين .
و " بفهلويتي " أدركت انه كلما ضغطت على الزر الكهربائي للمصعد
باستمرار و شدة كلما نزل بشكل أسرع.
و يبدو أن أقراني - المغادرين معي - من ساكني مختلف الطوابق يعرفون هذه
المعلومة أيضا ، فقمنا بها جميعا ، إلى أن توقف المصعد تماما عن العمل
و احتاج للصيانة , لا بأس فنحن في الطابق الاول ،والنزول سهل .
غادرنا الفندق مودعين ، غير مأسوف علينا .
انتهت المذكرات
كتبت هذه المشاهدات مما رأيته و سمعته في رحلتي تلك- و لئلا يتهمني احد
بالاستعلاء - ربما فعلت أنا أيضا بعضٌ مما ذكرت.
كنت أشعر بالاسف و الخجل و أسأل نفسي باستمرار :
لماذا نمارس هذه الهمجية ، و لماذا ابتعدنا عن التصرفات الحضارية و نحن
من بلد عريق تجذرت فيه الحضارة و الأخلاق .
لماذا نفعل ما نفعل على الرغم من أن عقيدتنا الدينية تنهانا عن جميع ما
شاهدته من ممارسات .
ما الذي جرى حتى تحولنا إلى مجتمع مخرب لا يحترم القانون ، ينظف داخل
بيته و يرمي بأوساخه في كل مكان.
هل هناك إمكانية أن نعود إلى أخلاقنا و حضارتنا في المدى المنظور...و
ما هي الوسيلة لذلك. .
ربما تكون الشدة في تطبيق القوانين هي الحل فقد التزم الجميع بارتداء
حزام الأمان فور صدور قانون السير الجديد و مخالفة من لا يضعه ( أو
مضاعفة التسعيرة الفورية لرجال الشرطة ).
عندما صدر قانون ( منع التدخين في الأماكن العامة ) لدينا لم يكترث به
احد، صدر قانون ( النظافة العامة ) منذ سنوات ، و هو قانون إذا طبق
صارت بلادنا أنظف من أنظف بلاد العالم ، لكنه لم يطبق أبدا.
هل تكفي الشدة في تطبيق القانون لعودة الأخلاق و الحضارة، أم أن الأمر
يحتاج الى غير ذلك الكثير........
عكس السير
* علاء السيد محام سوري له مجموعة من الأبحاث والدراسات في مجال
التاريخ وعدة مقالات المنشورة - له كتاب ( حلب العثمانية ) قيد الطبع -
المستشار القانوني لموقع عكس السير الإخباري
الأحد ديسمبر 26, 2010 12:45 pm من طرف Admin
» اخر حوراني
الأحد ديسمبر 05, 2010 3:27 pm من طرف Admin
» عشرة حقائق ومعلومات لا تُصدق عن الصين
السبت أكتوبر 30, 2010 6:30 am من طرف Admin
» اهداء لحبيبة مديرنا الغالي ~ نور عيني ~ تستاهل
الخميس أكتوبر 28, 2010 12:29 pm من طرف الساهر
» لماذا يحكم اليهود العالم ؟
السبت أكتوبر 23, 2010 6:52 pm من طرف Mohammed hariri
» صيانة وبرامج
الثلاثاء أكتوبر 19, 2010 8:30 pm من طرف mahmod8008
» مع تحيات منتديات مليحة العطش
الأحد أكتوبر 17, 2010 9:41 am من طرف Admin
» معلومات تهم كل بيت حتى العزابي
الخميس أكتوبر 14, 2010 7:42 am من طرف Admin
» ابتسم انت في دولة عربية
الأربعاء أكتوبر 13, 2010 7:03 pm من طرف Mohammed hariri
» Hüsnü Senlendirici - Istanbul Istanbul Olali
الأربعاء أكتوبر 13, 2010 2:19 pm من طرف محمد الحريري
» ورق التوت بديل للانسولين وعلاج القرحه
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:53 am من طرف محمد الحريري
» فوائد الجرجير
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:51 am من طرف محمد الحريري
» الســـذاب.........
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:46 am من طرف قاسم الحريري
» السدر!!!!!!!!!
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:45 am من طرف قاسم الحريري
» الهيل " الحبهان " : Cardamon
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:42 am من طرف about ... me
» الملـــح.....
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:41 am من طرف about ... me
» الفلفل " القليفله "
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:37 am من طرف abd
» زيت الزيتون
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:36 am من طرف abd
» الشذاب???????
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:34 am من طرف qwer
» السحلب Salep
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:32 am من طرف qwer
» أخطر مافي المسلسلات....مهم جدااااااااا...
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:31 am من طرف زائر
» الآذريون .......
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:30 am من طرف Admin
» [color=red]منشط وطارد للغازات[/color]
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:29 am من طرف Admin
» قصص قصيرة مضحكة
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:27 am من طرف زائر
» نكت حمصيه 5
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:19 am من طرف زائر
» نكت 2011 للمشرفين ........
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:16 am من طرف زائر
» كيف تغذين ذاكرة طفلك في فترة الدراسة ؟؟؟؟؟
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:09 am من طرف زائر
» أسباب فشل الكيك والحلول المناسبة.....
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:01 am من طرف زائر
» mohammed hariry
الإثنين أكتوبر 11, 2010 9:46 am من طرف قطر النـــدى
» بتمنا من كل الجميع يشار بهذا الغز
السبت أكتوبر 09, 2010 1:57 pm من طرف قطر النـــدى
» للكبار فقط ....بدون إحراج؟؟؟؟؟
السبت أكتوبر 09, 2010 7:08 am من طرف Admin
» قصيدتي ليله عرس حبيبتي
الخميس أكتوبر 07, 2010 10:50 pm من طرف الساهر
» بالصور ردود للمواضيع.......
الخميس أكتوبر 07, 2010 9:25 pm من طرف زهرة نيسان
» إلى الفتاة المسلمة ...نصائح هكر تائب... مهم جدااا..
الخميس أكتوبر 07, 2010 7:51 pm من طرف قطر النـــدى
» نكت 2013 ..روووووووووووووعة..
الخميس أكتوبر 07, 2010 7:12 pm من طرف زهرة نيسان
» قصة الحلاق والهندي ...حلوووووووووة...
الخميس أكتوبر 07, 2010 7:05 pm من طرف زهرة نيسان
» ܔೋ҉ܔ لماذا جعلت الهموم والأحزان تتجرأ على إنزال دمعتك ܔೋ҉ܔ
الخميس أكتوبر 07, 2010 5:24 pm من طرف قطر النـــدى
» عائشة بنت الصديق
الأربعاء أكتوبر 06, 2010 7:03 pm من طرف قطر النـــدى
» اعراس الحورانيه ؟؟؟؟؟؟
الأربعاء أكتوبر 06, 2010 9:23 am من طرف Admin
» احمد القسيم يا هلابك
الأربعاء أكتوبر 06, 2010 9:19 am من طرف Admin
» تصميم نور عيني٢
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 2:33 pm من طرف Admin
» اسرع شاحنه
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 2:06 pm من طرف Admin
» صور من محبة النبي (صلى الله عليه وسلم)بأمته........
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 2:00 pm من طرف قطر النـــدى
» Masrawy Videohat من سيفوز سيارة بوجاتى فيرون أم طائرة نفاثة
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 1:59 pm من طرف محمد الحريري
» مارسيدس 2010
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 1:58 pm من طرف محمد الحريري
» حملة الدفاع عن أم المؤمنين السيدة عائشة (رضي الله عنها)
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 1:36 pm من طرف قطر النـــدى
» أسرع سيارة نفاثة في العالم .... رهيييييييب
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 1:31 pm من طرف قاسم الحريري
» سياره تحت الماء
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 1:11 pm من طرف قاسم الحريري
» هااام جداااااااا . .. احذر من أن تكون مسيء للاسلام.......
الإثنين أكتوبر 04, 2010 3:38 pm من طرف قطر النـــدى
» هاني في ارض الاحلام............
الإثنين أكتوبر 04, 2010 2:16 pm من طرف about ... me
» طفل حوراني في السادسة يتقن العمليات الحسابية شفهيا وحل معادلات رياضية
الإثنين أكتوبر 04, 2010 9:54 am من طرف زائر
» الكابالا.... هل تعرف ماهي ؟؟؟
الإثنين أكتوبر 04, 2010 9:38 am من طرف Admin
» وفاة شاب في حادث سير > > >
الأحد أكتوبر 03, 2010 4:47 pm من طرف قطر النـــدى
» قصيدة غير منتهية في تعريف العشق
الأحد أكتوبر 03, 2010 2:06 pm من طرف about ... me
» من مفكرة عاشق دمشقي
الأحد أكتوبر 03, 2010 2:05 pm من طرف about ... me
» يد..........
الأحد أكتوبر 03, 2010 2:04 pm من طرف about ... me
» الشقيقتان...
الأحد أكتوبر 03, 2010 2:03 pm من طرف about ... me
» ثقافتنا......
الأحد أكتوبر 03, 2010 2:01 pm من طرف about ... me
» بداية دروس لغة برمجة المواقع PHP
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:51 pm من طرف about ... me
» الشبكات (B)
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:50 pm من طرف about ... me
» الشبكات (C)
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:49 pm من طرف about ... me
» الشبكات (A)
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:30 pm من طرف about ... me
» هل تعلم ان عندك اكثر من 100 برنامج في حاسوبك
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:29 pm من طرف about ... me
» الويندوز يتكلـــــــــــــــــــــــمممممم
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:28 pm من طرف about ... me
» تعلم الفوتوشوب بسهولة
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:27 pm من طرف about ... me
» اختصارات لوحة المفاتيح العامة في جهاز الكومبيوتر
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:26 pm من طرف about ... me
» بعض من أسرار الكومبيوتر..!!
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:25 pm من طرف about ... me
» اختصارات مفيده لزر الويندوز
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:24 pm من طرف about ... me
» دروس تعليمية في برنامج arcgis
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:21 pm من طرف about ... me
» المسح على الخفين
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:20 pm من طرف about ... me
» سؤال للشيخ محمد معتز عن الوفاة يوم الجمعة
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:19 pm من طرف about ... me
» هل يوجد في القرآن مايسمى بالمنجيات السبع؟؟
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:18 pm من طرف about ... me
» مقترحات لمشروع استبدال الســيارات القديمة
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:15 pm من طرف about ... me
» الرئيس الأســد يصـــدر المرسـوم 80 الخاص بتنظيــم مهنــة الهندســـة
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:14 pm من طرف about ... me
» المؤتمرالدولي للتطويروالاستثمارالعقاري
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:13 pm من طرف about ... me
» 2.2مليار ليرة إيرادات شركة واحدة من الرسائل الخليوية القصيرة
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:12 pm من طرف about ... me
» اثنا عشر سورياً في قائمة أقوى 100 شخصية عربية
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:10 pm من طرف about ... me
» لاسف (مؤسف ) أن ترى العنوان ولا تدخل؟؟
الأحد أكتوبر 03, 2010 12:28 pm من طرف قطر النـــدى
» أسباب البركة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الأحد أكتوبر 03, 2010 12:22 pm من طرف قطر النـــدى
» صلوا على رسول الله
الأحد أكتوبر 03, 2010 12:14 pm من طرف قطر النـــدى
» قصيده اهداء لنور عيني
الأحد أكتوبر 03, 2010 12:01 pm من طرف قطر النـــدى
» تصميم نور عيني
السبت أكتوبر 02, 2010 8:01 pm من طرف about ... me
» أمي.............
السبت أكتوبر 02, 2010 7:25 pm من طرف قطر النـــدى
» أغرب خمس شواطىء بالعالم.....
السبت أكتوبر 02, 2010 7:06 pm من طرف قطر النـــدى
» مصطلحات حورانية الجزء الثاني
السبت أكتوبر 02, 2010 2:39 pm من طرف about ... me
» مصطلحات حورانية
السبت أكتوبر 02, 2010 2:32 pm من طرف about ... me
» ~¥قصةقلب جريح¥~
السبت أكتوبر 02, 2010 2:23 pm من طرف about ... me
» لـــ صــحــتـــك
السبت أكتوبر 02, 2010 2:17 pm من طرف about ... me
» احذر مسببات السرطان
السبت أكتوبر 02, 2010 2:14 pm من طرف about ... me
» علاج جفاف العين
السبت أكتوبر 02, 2010 2:13 pm من طرف about ... me
» عندما يفارق المدخن السيجارة
السبت أكتوبر 02, 2010 2:11 pm من طرف about ... me
» صور حلوة .......
السبت أكتوبر 02, 2010 12:45 pm من طرف Admin
» لبيت أنيق ومميز.................
السبت أكتوبر 02, 2010 12:42 pm من طرف Admin
» أغرب الطرق بالعالم.........
السبت أكتوبر 02, 2010 12:40 pm من طرف Admin
» سنة ثابتة مستحبة يغفل عنها الكثير
السبت أكتوبر 02, 2010 12:22 pm من طرف about ... me
» سنة ثابتة مستحبة يغفل عنها الكثير
السبت أكتوبر 02, 2010 12:19 pm من طرف about ... me
» قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم
السبت أكتوبر 02, 2010 12:18 pm من طرف about ... me
» مامعنى في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة ؟
السبت أكتوبر 02, 2010 12:17 pm من طرف about ... me
» من فضائل سورة البقره
السبت أكتوبر 02, 2010 12:16 pm من طرف about ... me