هناك نقطتان جوهريتان تدفعان الشبهة عن النبي الكريم وتلقمان الحجر لكل مفتر أثيم يجب ألا نغفل عنهما وأن نضعهما نصب أعيننا حين نتحدث عن أمهات المؤمنين وعن حكمة تعدد زوجاته الطاهرات رضوان الله عليهن أجمعين.
هاتان النقطتان هما:
أولاً: لم يعدد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم زوجاته إلا بعد بلوغه سن الشيخوخة أي بعد أن جاوز من العمر الخمسين.
ثانيًا: جميع زوجاته الطاهرات ثيبات ـ أرامل ـ ما عدا السيدة عائشة رضي الله عنها فهي بكر، وهي الوحيدة من بين نسائه التي تزوجها صلى الله عليه وسلم وهي في حالة الصبا والبكارة، ومن هاتين النقطتين ندرك بكل بساطة تفاهة هذه التهمة وبطلان ذلك الادعاء الذي ألصقه به المستشرقون الحاقدون.
فلو كان المراد من الزواج الجري وراء الشهوة أو السير مع الهوى أو مجرد الاستمتاع بالنساء لتزوج في سن الشباب لا في سن الشيخوخة، ولتزوج الأبكار الشابات لا الأرامل المسنات، وهو القائل لجابر بن عبد الله حين جاءه وعلى وجهه أثر التطيب والنعمة: ((هل تزوجت؟)) قال: نعم، قال: ((بكرًا أم ثيبًا؟)) قال: بل ثيبًا، فقال له صلوات الله عليه: ((فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك)).
فالرسول الكريم أشار عليه بتزوج البكر وهو عليه السلام يعرف طريق الاستمتاع وسبيل الشهوة، فهل يعقل أن يتزوج الأرامل ويترك الأبكار ويتزوج في سن الشيخوخة ويترك سن الصبا إذا كان غرضه الاستمتاع والشهوة؟!
إن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يفدون رسول الله صلى الله عليه وسلم بمهجهم وأرواحهم، ولو أنه طلب الزواج لما تأخر أحد منهم عن تزويجه بمن شاء من الفتيات الأبكار الجميلات، فلماذا لم يعدد الزوجات في مقتبل العمر وريعان الشباب؟! ولماذا ترك الزواج بالأبكار وتزوج الثيبات؟! إن هذا بلا شك يدفع كل تقوُّل وافتراء ويدحض كل شبهة وبهتان ويرد على كل أفاك أثيم يريد أن ينال من قدسية الرسول أو يشوِّه سمعته، فما كان زواج الرسول بقصد الهوى أو الشهوة، وإنما كان لحكم جليلة وغايات نبيلة وأهداف سامية سوف يقر الأعداء بنبلها وجلالها إذا ما تركوا التعصب الأعمى وحكَّموا منطق العقل والوجدان، وسوف يجدون في هذا الزواج المثل الأعلى في الإنسان الفاضل الكريم والرسول النبي الرحيم، الذي يضحي براحته في سبيل مصلحة غيره وفي سبيل مصلحة الدعوة والإسلام.
إن الحكمة من تعدد زوجات الرسول كثيرة ومتشعبة ويمكننا أن نجملها فيما يلي:
أولاً: الحكمة التعليمية.
ثانيًا: الحكمة التشريعية.
ثالثًا: الحكمة الاجتماعية.
رابعًا: الحكمة السياسية.
أولاً: الحكمة التعليمية:
لقد كانت الغاية الأساسية من تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم هي تخريج بعض معلمات للنساء يعلمهن الأحكام الشرعية، فالنساء نصيف المجتمع، وقد فرض عليهن من التكاليف ما فرض على الرجال.
وقد كان الكثيرات منهن يستحيين من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض الأمور الشرعية وخاصة المتعلقة بهن كأحكام الحيض والنفاس والجنابة والأمور الزوجية وغيرها من الأحكام، وقد كانت المرأة تغالب حياءها حينما تريد أن تسأل الرسول الكريم عن بعض هذه المسائل، كما كان من خلق الرسول صلى الله عليه وسلم الحياء الكامل، وكان كما تروي كتب السنة أشد حياءً من العذراء في خدرها، فما كان عليه الصلاة والسلام يستطيع أن يجيب عن كل سؤال يعرض عليه من جهة النساء بالصراحة الكاملة بل كان يكني في بعض الأحيان ولربما لم تفهم المرأة عن طريق الكناية مراده عليه السلام.
تروي السيدة عائشة رضي الله عنها أن امرأة من الأنصار سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض فعلّمها صلى الله عليه وسلم كيف تغتسل ثم قال لها: ((خذي فرصة ممسكة ـ أي قطعة من القطن بها أثر الطيب ـ فتطهري بها)) قالت: كيف أتطهر بها؟ قال: ((تطهري بها)) قالت: كيف يا رسول الله أتطهر بها؟ فقال لها: ((سبحان الله تطهري بها))، قالت السيدة عائشة: فاجتذبتها من يدها فقلت: ضعيها في مكان كذا وكذا وتتبعي بها أثر الدم. وصرحت لها بالمكان الذي تضعها فيه، فكان صلوات الله عليه وسلم يستحي من مثل هذا التصريح.
وهكذا كان القليل أيضًا من النساء من تستطيع أن تتغلب على نفسها وعلى حيائها فتجاهر النبي صلى الله عليه وسلم بالسؤال عما يقع لها، نأخذ مثلاً لذلك حديث أم سلمة المروي في الصحيحين وفيه تقول: جاءت أم سُليم ـ زوج أبي طلحة ـ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له: يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ((نعم إذا رأت الماء)) فقالت أم سلمة: لقد فضحت النساء، ويحك أو تحتلم المرأة؟ فأجابها النبي الكريم بقوله: ((إذًا فيم يشبهها الولد؟)).
مراده عليه السلام أن الجنين يتولد من ماء الرجل وماء المرأة، ولهذا يأتي له شبه بأمه، وهكذا كما قال تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الإنسان مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَـهُ سَمِيعاً بَصِيراً} [الإنسان: 2]. قال ابن كثير رحمه الله: "أمشاج أي أخلاط والمشج والمشيج الشيء المختلط بعضه في بعض، قال ابن عباس: يعني ماء الرجل وماء المرأة، إذا اجتمعا واختلطا..."
وهكذا مثل هذه الأسئلة المحرجة، كان يتولى الجواب عنها فيما بعد زوجاته الطاهرات، ولهذا تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: (رحم الله نساء الأنصار؛ ما منعهن الحياء أن يتفقهن في الدين، وكانت المرأة منهن تأتي إلى السيدة عائشة في الظلام لتسألها عن بعض أمور الدين، وعن أحكام الحيض والنفاس والجنابة وغيرها من الأحكام، فكان نساء الرسول خير معلمات وموجهات لهن وعن طريقهن تفقه النساء في دين الله.
ثم إنه من المعلوم أن السنة المطهرة ليست قاصرة على قول النبي صلى الله عليه وسلم فحسب، بل هي تشمل قوله وفعله وتقريره، وكل هذا من التشريع الذي يجب على الأمة اتباعه، فمن ينقل لنا أخباره وأفعاله عليه السلام في المنزل غير هؤلاء النسوة اللواتي أكرمهن الله، فكن أمهات للمؤمنين، وزوجات لرسوله الكريم في الدنيا والآخرة؟!
لا شك أن لزوجاته الطاهرات رضوان الله عليهن أكبر الفضل في نقل جميع أحواله وأطواره وأفعاله المنزلية عليه أفضل الصلاة والتسليم.
ولقد أصبح من هؤلاء الزوجات معلمات ومحدثات نقلن هديه عليه السلام، واشتهرن بقوة الحفظ والنبوغ والذكاء.
ثانيًا: الحكمة التشريعية:
ونتحدث الآن عن الحكمة التشريعية التي هي جزء من حكمة تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذه الحكمة ظاهرة تدرك بكل بساطة، وهي أنها كانت من أجل إبطال بعض العادات الجاهلية المستنكرة، ونضرب لذلك مثلاً بدعة التبني التي كان يفعلها العرب قبل الإسلام فقد كانت دينًا متوارثًا عندهم، يتبنى أحدهم ولدًا ليس من صلبه ويجعله في حكم الولد الصلبي، ويتخذه ابنًا حقيقيًا له حكم الأبناء من النسب في جميع الأحوال؛ في الميراث والطلاق والزواج ومحرمات المصاهرة ومحرمات النكاح إلى غير ما هنالك مما تعارفوا عليه، وكان دينًا تقليديًا متبعًا في الجاهلية.
كان الواحد منهم يتبنى ولد غيره فيقول له: "أنت ابني، أرثك وترثني"، وما كان الإسلام ليقرهم على باطل، ولا ليتركهم يتخبطون في ظلمات الجاهلة، فمهد لذلك بأن ألهم رسوله عليه السلام أن يتبنى أحد الأبناء ـ وكان ذلك قبل البعثة النبوية ـ فتبنى عليه السلام زيد بن حارثة على عادة العرب قبل الإسلام. وفي سبب تبنيه قصة من أروع القصص، وحكمة من أروع الحكم ذكرها المفسرون وأهل السير، لا يمكننا الآن ذكرها لعدم اتساع المجال. وهكذا تبنى النبيُ الكريم زيدَ بن حارثة، وأصبح الناس يدعونه بعد ذلك اليوم زيد بن محمد.
روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (إن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد حتى نزل القرآن {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ الله} [الأحزاب: 5] فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنت زيد بن شراحبيل)).
وقد زوجه عليه السلام بابنة عمته زينب بن جحش الأسدية، وقد عاشت معه مدة من الزمن، ولكنها لم تطل فقد ساءت العلاقات بينهما، فكانت تغلظ له القول، وترى أنها أشرف منه؛ لأنه كان عبدًا مملوكًا قبل أن يتبناه الرسول وهي ذات حسب ونسب.
ولحكمة يريدها الله تعالى طلق زيد زينب، فأمر الله رسوله أن يتزوجها ليبطل بدعة التبني ويقيم أسس الإسلام، ويأتي على الجاهلية من قواعدها، ولكنه عليه السلام كان يخشى من ألسنة المنافقين والفجار، أن يتكلموا فيه ويقولوا: تزوج محمد امرأة ابنه، فكان يتباطأ حتى نزل العتاب الشديد لرسول الله عليه السلام، في قوله جل وعلا: {وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَـاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَـاكَهَا لِكَىْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِى أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً} [الأحزاب: 37].
وهكذا انتهى حكم التبني، وبطلت تلك العادات التي كانت متبعة في الجاهلية، وكانت دينًا تقليديًا لا محيد عنه ونزل قوله تعالى مؤكدًا هذا التشريع الإلهي الجديد {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مّن رّجَالِكُمْ وَلَـكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلّ شَىْء عَلِيماً} [الأحزاب: 40].
وقد كان هذا الزواج بأمر من الله تعالى، ولم يكن بدافع الهوى والشهوة كما يقول بعض الأفاكين المرجفين من أعداء الله، وكان لغرض نبيل وغاية شريفة هي إبطال عادات الجاهلية وقد صرّح الله عز وجل بغرض هذا الزواج بقوله: {لِكَىْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِى أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً} [الأحزاب: 37].
وقد تولى الله عز وجل تزويج نبيه الكريم بزينب امرأة ولده من التبني، ولهذا كانت تفخر على نساء النبي بهذا الزواج الذي قضى به رب العزة من فوق سبع سماوات.
روى البخاري بسنده أن زينب رضي الله عنها كانت تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: (زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فوق سبع سموات)، وهكذا كان هذا الزواج للتشريع وكان بأمر الحكيم العليم فسبحان من دقت حكمته أن تحيط بها العقول والأفهام وصدق الله: {وَمَا أُوتِيتُم مّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء: 85].
ثالثًا: الحكمة الاجتماعية:
أما الحكمة الثالثة فهي الحكمة الاجتماعية، وهذه تظهر بوضوح في تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بابنة الصديق الأكبر أبي بكر رضي الله عنه، وزيره الأول، ثم بابنة وزيره الثاني الفاروق عمر رضي الله عنه وأرضاه، ثم باتصاله عليه السلام بقريش اتصال مصاهرة ونسب وتزوجه العدد منهن مما ربط بين هذه البطون والقبائل برباط وثيق وجعل القلوب تلتف حوله وتلتقي حول دعوته في إيمان وإكبار وإجلال.
لقد تزوج النبي صلوات الله عليه بالسيدة عائشة بنت أحب الناس إليه وأعظمهم قدرًا لديه ألا وهو أبو بكر الصديق الذي كان أسبق الناس إلى الإسلام، وقدم نفسه وروحه وماله في سبيل نصرة دين الله والذود عن رسوله وتحمل ضروب الأذى في سبيل الإسلام حتى قال عليه السلام كما في الترمذي مشيدًا بفضل أبي بكر: ((ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافيناه بها ما خلا أبا بكر فإن له عندنا يدًا يكافيه الله تعالى بها يوم القيامة، وما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر، وما عرضت الإسلام على أحد إلا تردد ما عدا أبا بكر، ولو كنت متخذًا خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، إلا وإن صاحبكم خليل الله تعالى)).
فلم يجد الرسول صلى الله عليه وسلم مكافأة لأبي بكر في الدنيا أعظم من أن يقر عينه بهذا الزواج بابنته ويصبح بينهما مصاهرة وقرابة تزيد في صداقتهما وترابطهما الوثيق، كما تزوج صلوات الله عليه بالسيدة حفصة بنت عمر، فكان ذلك قرة عين لأبيها عمر على إسلامه وصدقه وإخلاصه وتفانيه في سبيل هذا الدين، وعمر هو بطل الإسلام الذي أعز الله به الإسلام والمسلمين، ورفع به منار الدين، فكان اتصاله عليه السلام به عن طريق المصاهرة خير مكافأة له على ما قدم في سبيل الإسلام، وقد ساوى صلى الله عليه وسلم بينه وبين وزيره الأول أبي بكر في تشريفه بهذه المصاهرة فكان زواجه بابنتيهما أعظم شرف لهما بل أعظم مكافأة ومنة ولم يكن بالإمكان أن يكافئهما في هذه الحياة بشرف أعلى من هذا الشرف فما أجل سياسته، وما أعظم وفاءه للأوفياء المخلصين.
كما يقابل ذلك إكرامه لعثمان وعلى رضي الله عنهما بتزويجهما ببناته وهؤلاء الأربعة هم أعظم أصحابه وخلفاؤه من بعده في نشر ملته وإقامة دعوته فما أجلها من حكمة وما أكرمها من نظرة.
رابعًا: الحكمة السياسية:
لقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ببعض النسوة من أجل تأليف القلوب عليه وجمع القبائل حوله، فمن المعلوم أن الإنسان إذا تزوج من قبيلة أو عشيرة يصبح بينه وبينهم قرابة ومصاهرة، وذلك بطبيعته يدعوهم إلى نصرته وحمايته ولنضرب بعض الأمثلة على ذلك لتتضح لنا الحكمة التي هدف إليها الرسول الكريم من وراء هذا الزواج.
أولاً: تزوج صلوات الله عليه بالسيدة جويرية بنت الحارث سيد بني المصطلق وكانت قد أسرت مع قومها وعشيرتها، ثم بعد أن وقعت تحت الأسر أرادت أن تفتدي نفسها، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه بشيء من المال فعرض عليها الرسول الكريم أن يدفع عنها الفداء وأن يتزوج بها فقبلت ذلك، فتزوجها فقال المسلمون: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت أيدينا ـ أي أنهم في الأسر ـ فأعتقوا جميع الأسرى الذين كانوا تحت أيديهم، فلما رأى بنو المصطلق هذا النبل والسمو وهذه الشهامة والمروءة أسلموا جميعًا ودخلوا في دين الله وأصبحوا من المؤمنين، فكان زواجه صلى الله عليه وسلم بها بركة عليها وعلى قومها وعشيرتها لأنه كان سببًا لإسلامهم وعتقهم وكانت جويرية أيمن امرأة على قومها.
أخرج البخاري في صحيحة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء بني المصطلق فأخرج الخمس منه ثم قسمه بين الناس فأعطى الفارس سهمين والراجل سهمًا فوقعت جويرية بنت الحارث في سهم ثابت بن قيس، فجاءت إلى الرسول فقالت: يا رسول الله، أنا جويرية بنت الحارث سيد قومه وقد أصابني من الأمر ما قد علمت، وقد كاتبني ثابت على تسع أواق فأعني على فكاكي فقال عليه السلام: ((أو خير من ذلك؟)) فقالت: ما هو؟ فقال: ((أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك)) فقالت: نعم يا رسول الله، فقال رسول الله: ((قد فعلت)) وخرج الخبر إلى الناس فقالوا: أصهار رسول الله يسترقون؟ فأعتقوا ما كان في أيديهم من سبي بني المصطلق فبلغ عتقهم مائة بيت بتزوجه عليه السلام بنت سيد قومه.
ثانيًا: وكذلك تزوجه صلى الله عليه وسلم بالسيدة صفية بنت حيي بن أخطب التي أسرت بعد قتل زوجها في غزوة خيبر، ووقعت في سهم بعض المسلمين فقال أهل الرأي والمشورة: هذه سيدة بني قريظة لا تصلح إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرضوا الأمر على الرسول الكريم فدعاها وخيرها بين أمرين:
أ ـ إما أن يعتقها ويتزوجها عليه السلام فتكون زوجة له.
ب ـ وإما أن يطلق سراحها فتلحق بأهلها.
فاختارت أن يعتقها وتكون زوجة له، وذلك لما رأته من جلالة قدره وعظمته وحسن معاملته، وقد أسلمت وأسلم بإسلامها عدد من الناس.
روي أن صفية رضي الله عنها لما دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: لم يزل أبوك من أشد اليهود لي عداوة حتى قتله الله، فقالت يا رسول الله: إن الله يقول في كتابه: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [فاطر: 18]، فقال لها الرسول الكريم: اختاري فإن اخترت الإسلام أمسكتك لنفسي، وإن اخترت اليهودية فعسى أن أعتقك فتلحقي بقومك، فقالت: يا رسول الله: لقد هويت الإسلام وصدقت بك قبل أن تدعوني إلى رحلك وما لي في اليهودية أرب وما لي فيها والد ولا أخ وخيرتني الكفر والإسلام فالله ورسوله أحب إلي من العتق وأن أرجع إلى قومي، فأمسكها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه.
ثالثًا: وكذلك تزوجه عليه الصلاة والسلام بالسيدة أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان الذي كان في ذلك الحين حامل لواء الشرك وألد الأعداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أسلمت ابنته في مكة ثم هاجرت مع زوجها إلى الحبشة فرارًا بدينها، وهناك مات زوجها، فبقيت وحيدة فريدة لا معين لها ولا أنيس، فلما علم الرسول الكريم بأمرها أرسل إلى النجاشي ملك الحبشة ليزوجه إياها، فأبلغها النجاشي ذلك فسرت سرورًا لا يعرف مقداره إلا الله سبحانه؛ لأنها لو رجعت إلى أبيها أو أهلها لأجبروها على الكفر والردة أو عذبوها عذابًا شديدًا، وقد أصدقها عنه أربعمائة دينار مع هدايا نفيسة، ولما عادت إلى المدينة المنورة تزوجها النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام. ولما بلغ أبا سفيان الخبر أقر ذلك الزواج وقال: "هو الفحل لا يقدع أنفه"، فافتخر بالرسول ولم ينكر كفاءته له إلى أن هداه الله تعالى للإسلام، ومن هنا تظهر لنا الحكمة الجليلة في تزوجه عليه السلام بابنة أبي سفيان، فقد كان هذا الزواج سببًا لتخفيف الأذى عنه وعن أصحابه المسلمين سيما بعد أن أصبح بينهما نسب وقرابة مع أن أبا سفيان كان وقت ذاك من ألد بني أمية خصومة لرسول الله ومن أشدهم عداء له وللمسلمين، فكان تزوجه بابنته سببًا لتأليف قلبه وقلب قومه وعشيرته كما أنه صلى الله عليه وسلم اختارها لنفسه تكريمًا لها على إيمانها لأنها خرجت من ديارها فارة بدينها فما أكرمها من سياسة وما أجلها من حكمة.
هاتان النقطتان هما:
أولاً: لم يعدد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم زوجاته إلا بعد بلوغه سن الشيخوخة أي بعد أن جاوز من العمر الخمسين.
ثانيًا: جميع زوجاته الطاهرات ثيبات ـ أرامل ـ ما عدا السيدة عائشة رضي الله عنها فهي بكر، وهي الوحيدة من بين نسائه التي تزوجها صلى الله عليه وسلم وهي في حالة الصبا والبكارة، ومن هاتين النقطتين ندرك بكل بساطة تفاهة هذه التهمة وبطلان ذلك الادعاء الذي ألصقه به المستشرقون الحاقدون.
فلو كان المراد من الزواج الجري وراء الشهوة أو السير مع الهوى أو مجرد الاستمتاع بالنساء لتزوج في سن الشباب لا في سن الشيخوخة، ولتزوج الأبكار الشابات لا الأرامل المسنات، وهو القائل لجابر بن عبد الله حين جاءه وعلى وجهه أثر التطيب والنعمة: ((هل تزوجت؟)) قال: نعم، قال: ((بكرًا أم ثيبًا؟)) قال: بل ثيبًا، فقال له صلوات الله عليه: ((فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك)).
فالرسول الكريم أشار عليه بتزوج البكر وهو عليه السلام يعرف طريق الاستمتاع وسبيل الشهوة، فهل يعقل أن يتزوج الأرامل ويترك الأبكار ويتزوج في سن الشيخوخة ويترك سن الصبا إذا كان غرضه الاستمتاع والشهوة؟!
إن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يفدون رسول الله صلى الله عليه وسلم بمهجهم وأرواحهم، ولو أنه طلب الزواج لما تأخر أحد منهم عن تزويجه بمن شاء من الفتيات الأبكار الجميلات، فلماذا لم يعدد الزوجات في مقتبل العمر وريعان الشباب؟! ولماذا ترك الزواج بالأبكار وتزوج الثيبات؟! إن هذا بلا شك يدفع كل تقوُّل وافتراء ويدحض كل شبهة وبهتان ويرد على كل أفاك أثيم يريد أن ينال من قدسية الرسول أو يشوِّه سمعته، فما كان زواج الرسول بقصد الهوى أو الشهوة، وإنما كان لحكم جليلة وغايات نبيلة وأهداف سامية سوف يقر الأعداء بنبلها وجلالها إذا ما تركوا التعصب الأعمى وحكَّموا منطق العقل والوجدان، وسوف يجدون في هذا الزواج المثل الأعلى في الإنسان الفاضل الكريم والرسول النبي الرحيم، الذي يضحي براحته في سبيل مصلحة غيره وفي سبيل مصلحة الدعوة والإسلام.
إن الحكمة من تعدد زوجات الرسول كثيرة ومتشعبة ويمكننا أن نجملها فيما يلي:
أولاً: الحكمة التعليمية.
ثانيًا: الحكمة التشريعية.
ثالثًا: الحكمة الاجتماعية.
رابعًا: الحكمة السياسية.
أولاً: الحكمة التعليمية:
لقد كانت الغاية الأساسية من تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم هي تخريج بعض معلمات للنساء يعلمهن الأحكام الشرعية، فالنساء نصيف المجتمع، وقد فرض عليهن من التكاليف ما فرض على الرجال.
وقد كان الكثيرات منهن يستحيين من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض الأمور الشرعية وخاصة المتعلقة بهن كأحكام الحيض والنفاس والجنابة والأمور الزوجية وغيرها من الأحكام، وقد كانت المرأة تغالب حياءها حينما تريد أن تسأل الرسول الكريم عن بعض هذه المسائل، كما كان من خلق الرسول صلى الله عليه وسلم الحياء الكامل، وكان كما تروي كتب السنة أشد حياءً من العذراء في خدرها، فما كان عليه الصلاة والسلام يستطيع أن يجيب عن كل سؤال يعرض عليه من جهة النساء بالصراحة الكاملة بل كان يكني في بعض الأحيان ولربما لم تفهم المرأة عن طريق الكناية مراده عليه السلام.
تروي السيدة عائشة رضي الله عنها أن امرأة من الأنصار سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض فعلّمها صلى الله عليه وسلم كيف تغتسل ثم قال لها: ((خذي فرصة ممسكة ـ أي قطعة من القطن بها أثر الطيب ـ فتطهري بها)) قالت: كيف أتطهر بها؟ قال: ((تطهري بها)) قالت: كيف يا رسول الله أتطهر بها؟ فقال لها: ((سبحان الله تطهري بها))، قالت السيدة عائشة: فاجتذبتها من يدها فقلت: ضعيها في مكان كذا وكذا وتتبعي بها أثر الدم. وصرحت لها بالمكان الذي تضعها فيه، فكان صلوات الله عليه وسلم يستحي من مثل هذا التصريح.
وهكذا كان القليل أيضًا من النساء من تستطيع أن تتغلب على نفسها وعلى حيائها فتجاهر النبي صلى الله عليه وسلم بالسؤال عما يقع لها، نأخذ مثلاً لذلك حديث أم سلمة المروي في الصحيحين وفيه تقول: جاءت أم سُليم ـ زوج أبي طلحة ـ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له: يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ((نعم إذا رأت الماء)) فقالت أم سلمة: لقد فضحت النساء، ويحك أو تحتلم المرأة؟ فأجابها النبي الكريم بقوله: ((إذًا فيم يشبهها الولد؟)).
مراده عليه السلام أن الجنين يتولد من ماء الرجل وماء المرأة، ولهذا يأتي له شبه بأمه، وهكذا كما قال تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الإنسان مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَـهُ سَمِيعاً بَصِيراً} [الإنسان: 2]. قال ابن كثير رحمه الله: "أمشاج أي أخلاط والمشج والمشيج الشيء المختلط بعضه في بعض، قال ابن عباس: يعني ماء الرجل وماء المرأة، إذا اجتمعا واختلطا..."
وهكذا مثل هذه الأسئلة المحرجة، كان يتولى الجواب عنها فيما بعد زوجاته الطاهرات، ولهذا تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: (رحم الله نساء الأنصار؛ ما منعهن الحياء أن يتفقهن في الدين، وكانت المرأة منهن تأتي إلى السيدة عائشة في الظلام لتسألها عن بعض أمور الدين، وعن أحكام الحيض والنفاس والجنابة وغيرها من الأحكام، فكان نساء الرسول خير معلمات وموجهات لهن وعن طريقهن تفقه النساء في دين الله.
ثم إنه من المعلوم أن السنة المطهرة ليست قاصرة على قول النبي صلى الله عليه وسلم فحسب، بل هي تشمل قوله وفعله وتقريره، وكل هذا من التشريع الذي يجب على الأمة اتباعه، فمن ينقل لنا أخباره وأفعاله عليه السلام في المنزل غير هؤلاء النسوة اللواتي أكرمهن الله، فكن أمهات للمؤمنين، وزوجات لرسوله الكريم في الدنيا والآخرة؟!
لا شك أن لزوجاته الطاهرات رضوان الله عليهن أكبر الفضل في نقل جميع أحواله وأطواره وأفعاله المنزلية عليه أفضل الصلاة والتسليم.
ولقد أصبح من هؤلاء الزوجات معلمات ومحدثات نقلن هديه عليه السلام، واشتهرن بقوة الحفظ والنبوغ والذكاء.
ثانيًا: الحكمة التشريعية:
ونتحدث الآن عن الحكمة التشريعية التي هي جزء من حكمة تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذه الحكمة ظاهرة تدرك بكل بساطة، وهي أنها كانت من أجل إبطال بعض العادات الجاهلية المستنكرة، ونضرب لذلك مثلاً بدعة التبني التي كان يفعلها العرب قبل الإسلام فقد كانت دينًا متوارثًا عندهم، يتبنى أحدهم ولدًا ليس من صلبه ويجعله في حكم الولد الصلبي، ويتخذه ابنًا حقيقيًا له حكم الأبناء من النسب في جميع الأحوال؛ في الميراث والطلاق والزواج ومحرمات المصاهرة ومحرمات النكاح إلى غير ما هنالك مما تعارفوا عليه، وكان دينًا تقليديًا متبعًا في الجاهلية.
كان الواحد منهم يتبنى ولد غيره فيقول له: "أنت ابني، أرثك وترثني"، وما كان الإسلام ليقرهم على باطل، ولا ليتركهم يتخبطون في ظلمات الجاهلة، فمهد لذلك بأن ألهم رسوله عليه السلام أن يتبنى أحد الأبناء ـ وكان ذلك قبل البعثة النبوية ـ فتبنى عليه السلام زيد بن حارثة على عادة العرب قبل الإسلام. وفي سبب تبنيه قصة من أروع القصص، وحكمة من أروع الحكم ذكرها المفسرون وأهل السير، لا يمكننا الآن ذكرها لعدم اتساع المجال. وهكذا تبنى النبيُ الكريم زيدَ بن حارثة، وأصبح الناس يدعونه بعد ذلك اليوم زيد بن محمد.
روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (إن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد حتى نزل القرآن {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ الله} [الأحزاب: 5] فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنت زيد بن شراحبيل)).
وقد زوجه عليه السلام بابنة عمته زينب بن جحش الأسدية، وقد عاشت معه مدة من الزمن، ولكنها لم تطل فقد ساءت العلاقات بينهما، فكانت تغلظ له القول، وترى أنها أشرف منه؛ لأنه كان عبدًا مملوكًا قبل أن يتبناه الرسول وهي ذات حسب ونسب.
ولحكمة يريدها الله تعالى طلق زيد زينب، فأمر الله رسوله أن يتزوجها ليبطل بدعة التبني ويقيم أسس الإسلام، ويأتي على الجاهلية من قواعدها، ولكنه عليه السلام كان يخشى من ألسنة المنافقين والفجار، أن يتكلموا فيه ويقولوا: تزوج محمد امرأة ابنه، فكان يتباطأ حتى نزل العتاب الشديد لرسول الله عليه السلام، في قوله جل وعلا: {وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَـاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَـاكَهَا لِكَىْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِى أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً} [الأحزاب: 37].
وهكذا انتهى حكم التبني، وبطلت تلك العادات التي كانت متبعة في الجاهلية، وكانت دينًا تقليديًا لا محيد عنه ونزل قوله تعالى مؤكدًا هذا التشريع الإلهي الجديد {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مّن رّجَالِكُمْ وَلَـكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلّ شَىْء عَلِيماً} [الأحزاب: 40].
وقد كان هذا الزواج بأمر من الله تعالى، ولم يكن بدافع الهوى والشهوة كما يقول بعض الأفاكين المرجفين من أعداء الله، وكان لغرض نبيل وغاية شريفة هي إبطال عادات الجاهلية وقد صرّح الله عز وجل بغرض هذا الزواج بقوله: {لِكَىْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِى أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً} [الأحزاب: 37].
وقد تولى الله عز وجل تزويج نبيه الكريم بزينب امرأة ولده من التبني، ولهذا كانت تفخر على نساء النبي بهذا الزواج الذي قضى به رب العزة من فوق سبع سماوات.
روى البخاري بسنده أن زينب رضي الله عنها كانت تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: (زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فوق سبع سموات)، وهكذا كان هذا الزواج للتشريع وكان بأمر الحكيم العليم فسبحان من دقت حكمته أن تحيط بها العقول والأفهام وصدق الله: {وَمَا أُوتِيتُم مّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء: 85].
ثالثًا: الحكمة الاجتماعية:
أما الحكمة الثالثة فهي الحكمة الاجتماعية، وهذه تظهر بوضوح في تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بابنة الصديق الأكبر أبي بكر رضي الله عنه، وزيره الأول، ثم بابنة وزيره الثاني الفاروق عمر رضي الله عنه وأرضاه، ثم باتصاله عليه السلام بقريش اتصال مصاهرة ونسب وتزوجه العدد منهن مما ربط بين هذه البطون والقبائل برباط وثيق وجعل القلوب تلتف حوله وتلتقي حول دعوته في إيمان وإكبار وإجلال.
لقد تزوج النبي صلوات الله عليه بالسيدة عائشة بنت أحب الناس إليه وأعظمهم قدرًا لديه ألا وهو أبو بكر الصديق الذي كان أسبق الناس إلى الإسلام، وقدم نفسه وروحه وماله في سبيل نصرة دين الله والذود عن رسوله وتحمل ضروب الأذى في سبيل الإسلام حتى قال عليه السلام كما في الترمذي مشيدًا بفضل أبي بكر: ((ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافيناه بها ما خلا أبا بكر فإن له عندنا يدًا يكافيه الله تعالى بها يوم القيامة، وما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر، وما عرضت الإسلام على أحد إلا تردد ما عدا أبا بكر، ولو كنت متخذًا خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، إلا وإن صاحبكم خليل الله تعالى)).
فلم يجد الرسول صلى الله عليه وسلم مكافأة لأبي بكر في الدنيا أعظم من أن يقر عينه بهذا الزواج بابنته ويصبح بينهما مصاهرة وقرابة تزيد في صداقتهما وترابطهما الوثيق، كما تزوج صلوات الله عليه بالسيدة حفصة بنت عمر، فكان ذلك قرة عين لأبيها عمر على إسلامه وصدقه وإخلاصه وتفانيه في سبيل هذا الدين، وعمر هو بطل الإسلام الذي أعز الله به الإسلام والمسلمين، ورفع به منار الدين، فكان اتصاله عليه السلام به عن طريق المصاهرة خير مكافأة له على ما قدم في سبيل الإسلام، وقد ساوى صلى الله عليه وسلم بينه وبين وزيره الأول أبي بكر في تشريفه بهذه المصاهرة فكان زواجه بابنتيهما أعظم شرف لهما بل أعظم مكافأة ومنة ولم يكن بالإمكان أن يكافئهما في هذه الحياة بشرف أعلى من هذا الشرف فما أجل سياسته، وما أعظم وفاءه للأوفياء المخلصين.
كما يقابل ذلك إكرامه لعثمان وعلى رضي الله عنهما بتزويجهما ببناته وهؤلاء الأربعة هم أعظم أصحابه وخلفاؤه من بعده في نشر ملته وإقامة دعوته فما أجلها من حكمة وما أكرمها من نظرة.
رابعًا: الحكمة السياسية:
لقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ببعض النسوة من أجل تأليف القلوب عليه وجمع القبائل حوله، فمن المعلوم أن الإنسان إذا تزوج من قبيلة أو عشيرة يصبح بينه وبينهم قرابة ومصاهرة، وذلك بطبيعته يدعوهم إلى نصرته وحمايته ولنضرب بعض الأمثلة على ذلك لتتضح لنا الحكمة التي هدف إليها الرسول الكريم من وراء هذا الزواج.
أولاً: تزوج صلوات الله عليه بالسيدة جويرية بنت الحارث سيد بني المصطلق وكانت قد أسرت مع قومها وعشيرتها، ثم بعد أن وقعت تحت الأسر أرادت أن تفتدي نفسها، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه بشيء من المال فعرض عليها الرسول الكريم أن يدفع عنها الفداء وأن يتزوج بها فقبلت ذلك، فتزوجها فقال المسلمون: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت أيدينا ـ أي أنهم في الأسر ـ فأعتقوا جميع الأسرى الذين كانوا تحت أيديهم، فلما رأى بنو المصطلق هذا النبل والسمو وهذه الشهامة والمروءة أسلموا جميعًا ودخلوا في دين الله وأصبحوا من المؤمنين، فكان زواجه صلى الله عليه وسلم بها بركة عليها وعلى قومها وعشيرتها لأنه كان سببًا لإسلامهم وعتقهم وكانت جويرية أيمن امرأة على قومها.
أخرج البخاري في صحيحة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء بني المصطلق فأخرج الخمس منه ثم قسمه بين الناس فأعطى الفارس سهمين والراجل سهمًا فوقعت جويرية بنت الحارث في سهم ثابت بن قيس، فجاءت إلى الرسول فقالت: يا رسول الله، أنا جويرية بنت الحارث سيد قومه وقد أصابني من الأمر ما قد علمت، وقد كاتبني ثابت على تسع أواق فأعني على فكاكي فقال عليه السلام: ((أو خير من ذلك؟)) فقالت: ما هو؟ فقال: ((أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك)) فقالت: نعم يا رسول الله، فقال رسول الله: ((قد فعلت)) وخرج الخبر إلى الناس فقالوا: أصهار رسول الله يسترقون؟ فأعتقوا ما كان في أيديهم من سبي بني المصطلق فبلغ عتقهم مائة بيت بتزوجه عليه السلام بنت سيد قومه.
ثانيًا: وكذلك تزوجه صلى الله عليه وسلم بالسيدة صفية بنت حيي بن أخطب التي أسرت بعد قتل زوجها في غزوة خيبر، ووقعت في سهم بعض المسلمين فقال أهل الرأي والمشورة: هذه سيدة بني قريظة لا تصلح إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرضوا الأمر على الرسول الكريم فدعاها وخيرها بين أمرين:
أ ـ إما أن يعتقها ويتزوجها عليه السلام فتكون زوجة له.
ب ـ وإما أن يطلق سراحها فتلحق بأهلها.
فاختارت أن يعتقها وتكون زوجة له، وذلك لما رأته من جلالة قدره وعظمته وحسن معاملته، وقد أسلمت وأسلم بإسلامها عدد من الناس.
روي أن صفية رضي الله عنها لما دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: لم يزل أبوك من أشد اليهود لي عداوة حتى قتله الله، فقالت يا رسول الله: إن الله يقول في كتابه: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [فاطر: 18]، فقال لها الرسول الكريم: اختاري فإن اخترت الإسلام أمسكتك لنفسي، وإن اخترت اليهودية فعسى أن أعتقك فتلحقي بقومك، فقالت: يا رسول الله: لقد هويت الإسلام وصدقت بك قبل أن تدعوني إلى رحلك وما لي في اليهودية أرب وما لي فيها والد ولا أخ وخيرتني الكفر والإسلام فالله ورسوله أحب إلي من العتق وأن أرجع إلى قومي، فأمسكها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه.
ثالثًا: وكذلك تزوجه عليه الصلاة والسلام بالسيدة أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان الذي كان في ذلك الحين حامل لواء الشرك وألد الأعداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أسلمت ابنته في مكة ثم هاجرت مع زوجها إلى الحبشة فرارًا بدينها، وهناك مات زوجها، فبقيت وحيدة فريدة لا معين لها ولا أنيس، فلما علم الرسول الكريم بأمرها أرسل إلى النجاشي ملك الحبشة ليزوجه إياها، فأبلغها النجاشي ذلك فسرت سرورًا لا يعرف مقداره إلا الله سبحانه؛ لأنها لو رجعت إلى أبيها أو أهلها لأجبروها على الكفر والردة أو عذبوها عذابًا شديدًا، وقد أصدقها عنه أربعمائة دينار مع هدايا نفيسة، ولما عادت إلى المدينة المنورة تزوجها النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام. ولما بلغ أبا سفيان الخبر أقر ذلك الزواج وقال: "هو الفحل لا يقدع أنفه"، فافتخر بالرسول ولم ينكر كفاءته له إلى أن هداه الله تعالى للإسلام، ومن هنا تظهر لنا الحكمة الجليلة في تزوجه عليه السلام بابنة أبي سفيان، فقد كان هذا الزواج سببًا لتخفيف الأذى عنه وعن أصحابه المسلمين سيما بعد أن أصبح بينهما نسب وقرابة مع أن أبا سفيان كان وقت ذاك من ألد بني أمية خصومة لرسول الله ومن أشدهم عداء له وللمسلمين، فكان تزوجه بابنته سببًا لتأليف قلبه وقلب قومه وعشيرته كما أنه صلى الله عليه وسلم اختارها لنفسه تكريمًا لها على إيمانها لأنها خرجت من ديارها فارة بدينها فما أكرمها من سياسة وما أجلها من حكمة.
الأحد ديسمبر 26, 2010 12:45 pm من طرف Admin
» اخر حوراني
الأحد ديسمبر 05, 2010 3:27 pm من طرف Admin
» عشرة حقائق ومعلومات لا تُصدق عن الصين
السبت أكتوبر 30, 2010 6:30 am من طرف Admin
» اهداء لحبيبة مديرنا الغالي ~ نور عيني ~ تستاهل
الخميس أكتوبر 28, 2010 12:29 pm من طرف الساهر
» لماذا يحكم اليهود العالم ؟
السبت أكتوبر 23, 2010 6:52 pm من طرف Mohammed hariri
» صيانة وبرامج
الثلاثاء أكتوبر 19, 2010 8:30 pm من طرف mahmod8008
» مع تحيات منتديات مليحة العطش
الأحد أكتوبر 17, 2010 9:41 am من طرف Admin
» معلومات تهم كل بيت حتى العزابي
الخميس أكتوبر 14, 2010 7:42 am من طرف Admin
» ابتسم انت في دولة عربية
الأربعاء أكتوبر 13, 2010 7:03 pm من طرف Mohammed hariri
» Hüsnü Senlendirici - Istanbul Istanbul Olali
الأربعاء أكتوبر 13, 2010 2:19 pm من طرف محمد الحريري
» ورق التوت بديل للانسولين وعلاج القرحه
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:53 am من طرف محمد الحريري
» فوائد الجرجير
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:51 am من طرف محمد الحريري
» الســـذاب.........
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:46 am من طرف قاسم الحريري
» السدر!!!!!!!!!
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:45 am من طرف قاسم الحريري
» الهيل " الحبهان " : Cardamon
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:42 am من طرف about ... me
» الملـــح.....
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:41 am من طرف about ... me
» الفلفل " القليفله "
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:37 am من طرف abd
» زيت الزيتون
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:36 am من طرف abd
» الشذاب???????
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:34 am من طرف qwer
» السحلب Salep
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:32 am من طرف qwer
» أخطر مافي المسلسلات....مهم جدااااااااا...
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:31 am من طرف زائر
» الآذريون .......
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:30 am من طرف Admin
» [color=red]منشط وطارد للغازات[/color]
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:29 am من طرف Admin
» قصص قصيرة مضحكة
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:27 am من طرف زائر
» نكت حمصيه 5
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:19 am من طرف زائر
» نكت 2011 للمشرفين ........
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:16 am من طرف زائر
» كيف تغذين ذاكرة طفلك في فترة الدراسة ؟؟؟؟؟
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:09 am من طرف زائر
» أسباب فشل الكيك والحلول المناسبة.....
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:01 am من طرف زائر
» mohammed hariry
الإثنين أكتوبر 11, 2010 9:46 am من طرف قطر النـــدى
» بتمنا من كل الجميع يشار بهذا الغز
السبت أكتوبر 09, 2010 1:57 pm من طرف قطر النـــدى
» للكبار فقط ....بدون إحراج؟؟؟؟؟
السبت أكتوبر 09, 2010 7:08 am من طرف Admin
» قصيدتي ليله عرس حبيبتي
الخميس أكتوبر 07, 2010 10:50 pm من طرف الساهر
» بالصور ردود للمواضيع.......
الخميس أكتوبر 07, 2010 9:25 pm من طرف زهرة نيسان
» إلى الفتاة المسلمة ...نصائح هكر تائب... مهم جدااا..
الخميس أكتوبر 07, 2010 7:51 pm من طرف قطر النـــدى
» نكت 2013 ..روووووووووووووعة..
الخميس أكتوبر 07, 2010 7:12 pm من طرف زهرة نيسان
» قصة الحلاق والهندي ...حلوووووووووة...
الخميس أكتوبر 07, 2010 7:05 pm من طرف زهرة نيسان
» ܔೋ҉ܔ لماذا جعلت الهموم والأحزان تتجرأ على إنزال دمعتك ܔೋ҉ܔ
الخميس أكتوبر 07, 2010 5:24 pm من طرف قطر النـــدى
» عائشة بنت الصديق
الأربعاء أكتوبر 06, 2010 7:03 pm من طرف قطر النـــدى
» اعراس الحورانيه ؟؟؟؟؟؟
الأربعاء أكتوبر 06, 2010 9:23 am من طرف Admin
» احمد القسيم يا هلابك
الأربعاء أكتوبر 06, 2010 9:19 am من طرف Admin
» تصميم نور عيني٢
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 2:33 pm من طرف Admin
» اسرع شاحنه
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 2:06 pm من طرف Admin
» صور من محبة النبي (صلى الله عليه وسلم)بأمته........
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 2:00 pm من طرف قطر النـــدى
» Masrawy Videohat من سيفوز سيارة بوجاتى فيرون أم طائرة نفاثة
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 1:59 pm من طرف محمد الحريري
» مارسيدس 2010
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 1:58 pm من طرف محمد الحريري
» حملة الدفاع عن أم المؤمنين السيدة عائشة (رضي الله عنها)
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 1:36 pm من طرف قطر النـــدى
» أسرع سيارة نفاثة في العالم .... رهيييييييب
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 1:31 pm من طرف قاسم الحريري
» سياره تحت الماء
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 1:11 pm من طرف قاسم الحريري
» هااام جداااااااا . .. احذر من أن تكون مسيء للاسلام.......
الإثنين أكتوبر 04, 2010 3:38 pm من طرف قطر النـــدى
» هاني في ارض الاحلام............
الإثنين أكتوبر 04, 2010 2:16 pm من طرف about ... me
» طفل حوراني في السادسة يتقن العمليات الحسابية شفهيا وحل معادلات رياضية
الإثنين أكتوبر 04, 2010 9:54 am من طرف زائر
» الكابالا.... هل تعرف ماهي ؟؟؟
الإثنين أكتوبر 04, 2010 9:38 am من طرف Admin
» وفاة شاب في حادث سير > > >
الأحد أكتوبر 03, 2010 4:47 pm من طرف قطر النـــدى
» قصيدة غير منتهية في تعريف العشق
الأحد أكتوبر 03, 2010 2:06 pm من طرف about ... me
» من مفكرة عاشق دمشقي
الأحد أكتوبر 03, 2010 2:05 pm من طرف about ... me
» يد..........
الأحد أكتوبر 03, 2010 2:04 pm من طرف about ... me
» الشقيقتان...
الأحد أكتوبر 03, 2010 2:03 pm من طرف about ... me
» ثقافتنا......
الأحد أكتوبر 03, 2010 2:01 pm من طرف about ... me
» بداية دروس لغة برمجة المواقع PHP
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:51 pm من طرف about ... me
» الشبكات (B)
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:50 pm من طرف about ... me
» الشبكات (C)
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:49 pm من طرف about ... me
» الشبكات (A)
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:30 pm من طرف about ... me
» هل تعلم ان عندك اكثر من 100 برنامج في حاسوبك
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:29 pm من طرف about ... me
» الويندوز يتكلـــــــــــــــــــــــمممممم
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:28 pm من طرف about ... me
» تعلم الفوتوشوب بسهولة
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:27 pm من طرف about ... me
» اختصارات لوحة المفاتيح العامة في جهاز الكومبيوتر
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:26 pm من طرف about ... me
» بعض من أسرار الكومبيوتر..!!
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:25 pm من طرف about ... me
» اختصارات مفيده لزر الويندوز
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:24 pm من طرف about ... me
» دروس تعليمية في برنامج arcgis
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:21 pm من طرف about ... me
» المسح على الخفين
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:20 pm من طرف about ... me
» سؤال للشيخ محمد معتز عن الوفاة يوم الجمعة
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:19 pm من طرف about ... me
» هل يوجد في القرآن مايسمى بالمنجيات السبع؟؟
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:18 pm من طرف about ... me
» مقترحات لمشروع استبدال الســيارات القديمة
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:15 pm من طرف about ... me
» الرئيس الأســد يصـــدر المرسـوم 80 الخاص بتنظيــم مهنــة الهندســـة
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:14 pm من طرف about ... me
» المؤتمرالدولي للتطويروالاستثمارالعقاري
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:13 pm من طرف about ... me
» 2.2مليار ليرة إيرادات شركة واحدة من الرسائل الخليوية القصيرة
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:12 pm من طرف about ... me
» اثنا عشر سورياً في قائمة أقوى 100 شخصية عربية
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:10 pm من طرف about ... me
» لاسف (مؤسف ) أن ترى العنوان ولا تدخل؟؟
الأحد أكتوبر 03, 2010 12:28 pm من طرف قطر النـــدى
» أسباب البركة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الأحد أكتوبر 03, 2010 12:22 pm من طرف قطر النـــدى
» صلوا على رسول الله
الأحد أكتوبر 03, 2010 12:14 pm من طرف قطر النـــدى
» قصيده اهداء لنور عيني
الأحد أكتوبر 03, 2010 12:01 pm من طرف قطر النـــدى
» تصميم نور عيني
السبت أكتوبر 02, 2010 8:01 pm من طرف about ... me
» أمي.............
السبت أكتوبر 02, 2010 7:25 pm من طرف قطر النـــدى
» أغرب خمس شواطىء بالعالم.....
السبت أكتوبر 02, 2010 7:06 pm من طرف قطر النـــدى
» مصطلحات حورانية الجزء الثاني
السبت أكتوبر 02, 2010 2:39 pm من طرف about ... me
» مصطلحات حورانية
السبت أكتوبر 02, 2010 2:32 pm من طرف about ... me
» ~¥قصةقلب جريح¥~
السبت أكتوبر 02, 2010 2:23 pm من طرف about ... me
» لـــ صــحــتـــك
السبت أكتوبر 02, 2010 2:17 pm من طرف about ... me
» احذر مسببات السرطان
السبت أكتوبر 02, 2010 2:14 pm من طرف about ... me
» علاج جفاف العين
السبت أكتوبر 02, 2010 2:13 pm من طرف about ... me
» عندما يفارق المدخن السيجارة
السبت أكتوبر 02, 2010 2:11 pm من طرف about ... me
» صور حلوة .......
السبت أكتوبر 02, 2010 12:45 pm من طرف Admin
» لبيت أنيق ومميز.................
السبت أكتوبر 02, 2010 12:42 pm من طرف Admin
» أغرب الطرق بالعالم.........
السبت أكتوبر 02, 2010 12:40 pm من طرف Admin
» سنة ثابتة مستحبة يغفل عنها الكثير
السبت أكتوبر 02, 2010 12:22 pm من طرف about ... me
» سنة ثابتة مستحبة يغفل عنها الكثير
السبت أكتوبر 02, 2010 12:19 pm من طرف about ... me
» قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم
السبت أكتوبر 02, 2010 12:18 pm من طرف about ... me
» مامعنى في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة ؟
السبت أكتوبر 02, 2010 12:17 pm من طرف about ... me
» من فضائل سورة البقره
السبت أكتوبر 02, 2010 12:16 pm من طرف about ... me