بشرى إلى أصحاب القلوب الميتة
بشرى إلى أصحاب القلوب الميتة !!!
بشرى إلى أصحاب القلوب الميتة !!!
ما عدت أشعر به إنه بالداخل، هذا مؤكد، ولكني ما عدت أشعر به منذ أمد, حقيقة لا أدري متى كان هذا أو أين أو
حتى كيف؟ كل ما يدور بداخلي الآن أني لا أشعر به, لقد فقدته, كان موجودًا بداخلي, شعرت به حقًا, ولكنه ما لبث أن
مات.
إني أذكره بينما كان حيًا متقدًا بحرارته، كنت أشعر معه بالحياة تدب في أوصالي، وكلما أقدمت جوارحي على
مرضاة الله؛ امتلأ هذا القلب الحي سرورًا وسعادة، وعلى النقيض من ذلك تظلمه المعصية، وتسدل الستور من حوله؛ فلا
تسمح للضياء بالولوج إليه.
قال ابن القيم رحمه الله: والقلب المريض: [ قلب له حياة وبه علة، فله مادتان تمده هذه مرة وهذه أخرى، وهو لما غلب
عليه منهما، ففيه من محبة الله تعالى والإيمان به والإخلاص له والتوكل عليه ما هو مادة حياته، وفيه من محبة الشهوات
وإيثارها والحرص على تحصيلها، والحسد والكبر والعجب وحب العلو، والفساد في الأرض بالرياسة ما هو مادة هلاكه
وعطبه، وهو ممتحن بين داعيين: داع يدعوه إلى الله ورسوله والدار الآخرة، وداع يدعوه إلى العاجلة، وهو إنما يجيب
أقربهما منه بابًا وأدناهما إليه جوارًا، فالقلب مريض فإما إلى السلامة أدنى، وإما إلى العطب أدنى ].
لكنني لم أتوقف، لم أسترح لقلبي وهو يتأرجح بين النور والظلام، لا أعلم هل نفسي تحب الظلام أم تعشق النور؟ يشعر
المرء المتذبذب بين الاثنين أنه كالمجنون، يصل إلى أعلى مراتب الطاعات والقرب من الله؛ فيشعر بأن الأمر قد انتهى
وأنه لا بد له أن يستقيم، ولكنه لا يلبث حتى يناديه الظلام يشده إلى دائرته، ويأبى أن ينفلت من إطاره فيقع في براثن
المخالفة، ويهوي إلى عمق المبارزة لله، ثم يفيق بعد أن يصعق من هول الهبوط وعظم البعد؛ فيهرع مسرعًا إلى الله
لاجئاً متضرعًا أن ينقذه من هوى الظلمات.
وبينما صاحبنا بين هذا وذاك، إذ به يترك الحبل لنفسه على الغارب تجره إلى الظلمات، يناديه عقله: أن قم، أفق قبل
فوات الأوان، لكنه لم يصرف جهدًا في النجاة، بل ظل يسقط ويسقط ويسقط....
فلما وصل إلى القاع؛ وصل إلى فقد الشعور بقلبه، أماته بيده، لم يعد يشعر فيه بألم المعصية ولا لذة الطاعة، فقد كل
شعور من حوله، بل فقد طعم الحياة نفسها.
لقد مات قلبي
أعلنها صرخة مدوية في جنبات المكان: لقد مات قلبه، فما عاد يشعر بشيء، ولكنه عاد يسأل نفسه هل لهذا الميت من
حياة؟ هل له من عودة؟ كيف وقد مات؟ كيف وقد قتل نفسه بيده ؟
قال ابن القيم رحمه الله: [[ ضد هذا وهو القلب الميت الذي لا حياة به، فهو لا يعرف ربه ولا يعبده بأمره وما يحبه
ويرضاه، بل هو واقف مع شهواته ولذاته، ولو كان فيها سخط ربه وغضبه، فهو لا يبالي إذا فاز بشهوته وحظه رضى
ربه أم سخط؟ فهو متعبد لغير الله؛ حبًا وخوفًا ورجاء ورضًا وسخطًا وتعظيمًا وذلاً، إن أحب أحب لهواه، وإن أبغض
أبغض لهواه، وإن أعطى أعطى لهواه، وإن منع منع لهواه، فهواه آثر عنده وأحب إليه من رضا مولاه، فالهوى إمامه
والشهوة قائده والجهل سائقه والغفلة مركبه، فهو بالفكر في تحصيل أغراضه الدنيوية مغمور، وبسكرة الهوى وحب
العاجلة مخمور، ينادي إلى الله وإلى الدار الاخرة من مكان بعيد، ولا يستجيب للناصح ويتبع كل شيطان مريد، الدنيا
تسخطه وترضيه، والهوى يصمه عما سوى الباطل ويعميه، فهو في الدنيا كما قيل في ليلى:
عدو لمن عادت وسلم لأهلها ومن قربت ليلى أحب وأقربا
بشرى إلى أصحاب القلوب الميتة:
تعالى معي نتأمل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: [[ كان فيمن كان قبلكم رجل
قتل تسعة وتسعين نفسًا، فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب، فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفساً، فهل
له من توبة؟ قال: لا، فقتله، فكمل به مائة.
ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدُل على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومن يحول بينه
وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناساً يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض
سوء.
فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبً
ا مقبلًا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم، فقالوا:
قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد؛ فقبضته ملائكة
الرحمة، قال قتادة: فقال الحسن: ذكر لنا أنه لما أتاه الموت نأى بصدره ]]
رواه البخاري ومسلم.
لهذا الحديث الشريف فوائد كثيرة أحصاها العلماء رحمهم الله، لكن ما يعنينا منها ها هنا نقاط هي:
1-لقد قتل تسعة وتسعين نفسًا:
ترى هل نظن أن مثل هذا ما زال صاحب قلب سليم أو مريض؟ بل إنك تلمح في قتله للراهب -وهو الذي جاء يسأله عن
التوبة فأكمل به المائة- إصرارًا عجيبًا، بل وعدم وجود أدنى شعور بالندم على الفعل، لكن العجيب حقًا هنا أنه قتل
الراهب، ثم تنص رواية الحديث أنه خرج من عنده يسأل عن أعلم أهل الأرض.
يا للعجب، إنه ما زال يريد التوبة، إن قرار الإحياء الذي اتخذه قاتل المائة نفس كان قرارًا محسومًا، لا يقبل التأجيل ولا
التأخير أو التعطيل لأي سبب كان، لقد كان مصمماً على إحياء هذا القلب بعد أن مات.
ألا تعجب من كونه لم يتوقف ولو للحظات بعد قتله للراهب يقول فيها لنفسه: ها قد عدت ثانية، ها قد ارتكبت ما ترتكبه،
دائمًا لن يتوب مثلك لن يقبلك الله؟!!
كلا، لم يقل لنفسه أياً من هذه الكلمات المحبطة المعتادة، بل وضع ذلك كله جانباً، وانطلق يعلم تماماً ما الذي يريده
[التوبة] .
2-قبول التوبة من جميع الكبائر:
وهذه القصة أصل عظيم في الدلالة على قبول التوبة من المذنب وإن تفاحش ذنبه، وتعاظم إثمه مهما بلغ، طالما صلحت
رغبته في التوبة.
وقد نطقت بذلك آيات القرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، فالله تعالى يقول: {قُلْ يَا عِبَادِيَ
الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [53]
سورة الزمر.
وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [[
والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ]] رواه مسلم.
3- سعة رحمة الله عز وجل وخطورة تقنيط الناس منها:
تدل القصة برواياتها المتعددة على سعة رحمة الله تعالى، وأنها تغلب غضبه، وأن صدق العبد في التوجه إلى الله يمنحه-
فوق قبول الله له- توفيقًا وهداية إلى الطريق المستقيم، وقد صرحت الروايات المختلفة بتدخل العناية الإلهية بما يفيد
سعة رحمة الله ومزيد فضله على العبد التائب.
ففي رواية البخاري وروايات أخرى في مسلم [[ فأوحى الله إلى هذه أن تقربي، وأوحى إلى هذه
أن تباعدي، وقال: قيسوا ما بينهما فوجد إلى هذه اقرب بشبر فغفر له ]].
وفي إبعاد أرض المعصية، وتقريب أرض التوبة ما يشعر بأن الله لا يقبل التوبة عن عباده وفقط، بل يزيدهم فوق القبول
من فضله، ويؤيد هذا ما جاء في الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: [[
يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في
نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرب إلي ذراعًا
تقربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة]]
رواه البخاري ومسلم.
وقد قال ابن عباس رضي الله عنه: [[ قد دعا الله تعالى إلى مغفرته من زعم أن المسيح هو الله، ومن زعم أن المسيح هو
ابن الله، ومن زعم أن عزيرًا ابن الله، ومن زعم أن الله فقير، ومن زعم أن يد الله مغلولة، ومن زعم أن الله ثالث ثلاثة،
يقول الله تعالى لهؤلاء: {أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} سورة
المائدة [74]، ثم دعا إلى التوبة من هو أعظم قولًا من هؤلاء، من قال: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} سورة
النازعات [24]، وقال: {مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي } سورة القصص [38] ]]
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: [ من أيَّس عباد الله من التوبة بعد هذا؛ فقد جحد كتاب الله عز وجل] تفسير ابن كثير[4/59].
هل تراك عزيزي صاحب القلب الميت قلبك من بين القلوب تفقد فيه الأمل فلا تظنه يحيا؟
فما بالك بقلوب الكفار والملحدين الذي خربت قلوبهم بنكران وجود الله؟!!
فهلم بنا إلى إحياء هذا القلب الميت
بشرى إلى أصحاب القلوب الميتة !!!
بشرى إلى أصحاب القلوب الميتة !!!
ما عدت أشعر به إنه بالداخل، هذا مؤكد، ولكني ما عدت أشعر به منذ أمد, حقيقة لا أدري متى كان هذا أو أين أو
حتى كيف؟ كل ما يدور بداخلي الآن أني لا أشعر به, لقد فقدته, كان موجودًا بداخلي, شعرت به حقًا, ولكنه ما لبث أن
مات.
إني أذكره بينما كان حيًا متقدًا بحرارته، كنت أشعر معه بالحياة تدب في أوصالي، وكلما أقدمت جوارحي على
مرضاة الله؛ امتلأ هذا القلب الحي سرورًا وسعادة، وعلى النقيض من ذلك تظلمه المعصية، وتسدل الستور من حوله؛ فلا
تسمح للضياء بالولوج إليه.
قال ابن القيم رحمه الله: والقلب المريض: [ قلب له حياة وبه علة، فله مادتان تمده هذه مرة وهذه أخرى، وهو لما غلب
عليه منهما، ففيه من محبة الله تعالى والإيمان به والإخلاص له والتوكل عليه ما هو مادة حياته، وفيه من محبة الشهوات
وإيثارها والحرص على تحصيلها، والحسد والكبر والعجب وحب العلو، والفساد في الأرض بالرياسة ما هو مادة هلاكه
وعطبه، وهو ممتحن بين داعيين: داع يدعوه إلى الله ورسوله والدار الآخرة، وداع يدعوه إلى العاجلة، وهو إنما يجيب
أقربهما منه بابًا وأدناهما إليه جوارًا، فالقلب مريض فإما إلى السلامة أدنى، وإما إلى العطب أدنى ].
لكنني لم أتوقف، لم أسترح لقلبي وهو يتأرجح بين النور والظلام، لا أعلم هل نفسي تحب الظلام أم تعشق النور؟ يشعر
المرء المتذبذب بين الاثنين أنه كالمجنون، يصل إلى أعلى مراتب الطاعات والقرب من الله؛ فيشعر بأن الأمر قد انتهى
وأنه لا بد له أن يستقيم، ولكنه لا يلبث حتى يناديه الظلام يشده إلى دائرته، ويأبى أن ينفلت من إطاره فيقع في براثن
المخالفة، ويهوي إلى عمق المبارزة لله، ثم يفيق بعد أن يصعق من هول الهبوط وعظم البعد؛ فيهرع مسرعًا إلى الله
لاجئاً متضرعًا أن ينقذه من هوى الظلمات.
وبينما صاحبنا بين هذا وذاك، إذ به يترك الحبل لنفسه على الغارب تجره إلى الظلمات، يناديه عقله: أن قم، أفق قبل
فوات الأوان، لكنه لم يصرف جهدًا في النجاة، بل ظل يسقط ويسقط ويسقط....
فلما وصل إلى القاع؛ وصل إلى فقد الشعور بقلبه، أماته بيده، لم يعد يشعر فيه بألم المعصية ولا لذة الطاعة، فقد كل
شعور من حوله، بل فقد طعم الحياة نفسها.
لقد مات قلبي
أعلنها صرخة مدوية في جنبات المكان: لقد مات قلبه، فما عاد يشعر بشيء، ولكنه عاد يسأل نفسه هل لهذا الميت من
حياة؟ هل له من عودة؟ كيف وقد مات؟ كيف وقد قتل نفسه بيده ؟
قال ابن القيم رحمه الله: [[ ضد هذا وهو القلب الميت الذي لا حياة به، فهو لا يعرف ربه ولا يعبده بأمره وما يحبه
ويرضاه، بل هو واقف مع شهواته ولذاته، ولو كان فيها سخط ربه وغضبه، فهو لا يبالي إذا فاز بشهوته وحظه رضى
ربه أم سخط؟ فهو متعبد لغير الله؛ حبًا وخوفًا ورجاء ورضًا وسخطًا وتعظيمًا وذلاً، إن أحب أحب لهواه، وإن أبغض
أبغض لهواه، وإن أعطى أعطى لهواه، وإن منع منع لهواه، فهواه آثر عنده وأحب إليه من رضا مولاه، فالهوى إمامه
والشهوة قائده والجهل سائقه والغفلة مركبه، فهو بالفكر في تحصيل أغراضه الدنيوية مغمور، وبسكرة الهوى وحب
العاجلة مخمور، ينادي إلى الله وإلى الدار الاخرة من مكان بعيد، ولا يستجيب للناصح ويتبع كل شيطان مريد، الدنيا
تسخطه وترضيه، والهوى يصمه عما سوى الباطل ويعميه، فهو في الدنيا كما قيل في ليلى:
عدو لمن عادت وسلم لأهلها ومن قربت ليلى أحب وأقربا
بشرى إلى أصحاب القلوب الميتة:
تعالى معي نتأمل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: [[ كان فيمن كان قبلكم رجل
قتل تسعة وتسعين نفسًا، فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب، فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفساً، فهل
له من توبة؟ قال: لا، فقتله، فكمل به مائة.
ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدُل على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومن يحول بينه
وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناساً يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض
سوء.
فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبً
ا مقبلًا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم، فقالوا:
قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد؛ فقبضته ملائكة
الرحمة، قال قتادة: فقال الحسن: ذكر لنا أنه لما أتاه الموت نأى بصدره ]]
رواه البخاري ومسلم.
لهذا الحديث الشريف فوائد كثيرة أحصاها العلماء رحمهم الله، لكن ما يعنينا منها ها هنا نقاط هي:
1-لقد قتل تسعة وتسعين نفسًا:
ترى هل نظن أن مثل هذا ما زال صاحب قلب سليم أو مريض؟ بل إنك تلمح في قتله للراهب -وهو الذي جاء يسأله عن
التوبة فأكمل به المائة- إصرارًا عجيبًا، بل وعدم وجود أدنى شعور بالندم على الفعل، لكن العجيب حقًا هنا أنه قتل
الراهب، ثم تنص رواية الحديث أنه خرج من عنده يسأل عن أعلم أهل الأرض.
يا للعجب، إنه ما زال يريد التوبة، إن قرار الإحياء الذي اتخذه قاتل المائة نفس كان قرارًا محسومًا، لا يقبل التأجيل ولا
التأخير أو التعطيل لأي سبب كان، لقد كان مصمماً على إحياء هذا القلب بعد أن مات.
ألا تعجب من كونه لم يتوقف ولو للحظات بعد قتله للراهب يقول فيها لنفسه: ها قد عدت ثانية، ها قد ارتكبت ما ترتكبه،
دائمًا لن يتوب مثلك لن يقبلك الله؟!!
كلا، لم يقل لنفسه أياً من هذه الكلمات المحبطة المعتادة، بل وضع ذلك كله جانباً، وانطلق يعلم تماماً ما الذي يريده
[التوبة] .
2-قبول التوبة من جميع الكبائر:
وهذه القصة أصل عظيم في الدلالة على قبول التوبة من المذنب وإن تفاحش ذنبه، وتعاظم إثمه مهما بلغ، طالما صلحت
رغبته في التوبة.
وقد نطقت بذلك آيات القرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، فالله تعالى يقول: {قُلْ يَا عِبَادِيَ
الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [53]
سورة الزمر.
وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [[
والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ]] رواه مسلم.
3- سعة رحمة الله عز وجل وخطورة تقنيط الناس منها:
تدل القصة برواياتها المتعددة على سعة رحمة الله تعالى، وأنها تغلب غضبه، وأن صدق العبد في التوجه إلى الله يمنحه-
فوق قبول الله له- توفيقًا وهداية إلى الطريق المستقيم، وقد صرحت الروايات المختلفة بتدخل العناية الإلهية بما يفيد
سعة رحمة الله ومزيد فضله على العبد التائب.
ففي رواية البخاري وروايات أخرى في مسلم [[ فأوحى الله إلى هذه أن تقربي، وأوحى إلى هذه
أن تباعدي، وقال: قيسوا ما بينهما فوجد إلى هذه اقرب بشبر فغفر له ]].
وفي إبعاد أرض المعصية، وتقريب أرض التوبة ما يشعر بأن الله لا يقبل التوبة عن عباده وفقط، بل يزيدهم فوق القبول
من فضله، ويؤيد هذا ما جاء في الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: [[
يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في
نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرب إلي ذراعًا
تقربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة]]
رواه البخاري ومسلم.
وقد قال ابن عباس رضي الله عنه: [[ قد دعا الله تعالى إلى مغفرته من زعم أن المسيح هو الله، ومن زعم أن المسيح هو
ابن الله، ومن زعم أن عزيرًا ابن الله، ومن زعم أن الله فقير، ومن زعم أن يد الله مغلولة، ومن زعم أن الله ثالث ثلاثة،
يقول الله تعالى لهؤلاء: {أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} سورة
المائدة [74]، ثم دعا إلى التوبة من هو أعظم قولًا من هؤلاء، من قال: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} سورة
النازعات [24]، وقال: {مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي } سورة القصص [38] ]]
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: [ من أيَّس عباد الله من التوبة بعد هذا؛ فقد جحد كتاب الله عز وجل] تفسير ابن كثير[4/59].
هل تراك عزيزي صاحب القلب الميت قلبك من بين القلوب تفقد فيه الأمل فلا تظنه يحيا؟
فما بالك بقلوب الكفار والملحدين الذي خربت قلوبهم بنكران وجود الله؟!!
فهلم بنا إلى إحياء هذا القلب الميت
الأحد ديسمبر 26, 2010 12:45 pm من طرف Admin
» اخر حوراني
الأحد ديسمبر 05, 2010 3:27 pm من طرف Admin
» عشرة حقائق ومعلومات لا تُصدق عن الصين
السبت أكتوبر 30, 2010 6:30 am من طرف Admin
» اهداء لحبيبة مديرنا الغالي ~ نور عيني ~ تستاهل
الخميس أكتوبر 28, 2010 12:29 pm من طرف الساهر
» لماذا يحكم اليهود العالم ؟
السبت أكتوبر 23, 2010 6:52 pm من طرف Mohammed hariri
» صيانة وبرامج
الثلاثاء أكتوبر 19, 2010 8:30 pm من طرف mahmod8008
» مع تحيات منتديات مليحة العطش
الأحد أكتوبر 17, 2010 9:41 am من طرف Admin
» معلومات تهم كل بيت حتى العزابي
الخميس أكتوبر 14, 2010 7:42 am من طرف Admin
» ابتسم انت في دولة عربية
الأربعاء أكتوبر 13, 2010 7:03 pm من طرف Mohammed hariri
» Hüsnü Senlendirici - Istanbul Istanbul Olali
الأربعاء أكتوبر 13, 2010 2:19 pm من طرف محمد الحريري
» ورق التوت بديل للانسولين وعلاج القرحه
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:53 am من طرف محمد الحريري
» فوائد الجرجير
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:51 am من طرف محمد الحريري
» الســـذاب.........
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:46 am من طرف قاسم الحريري
» السدر!!!!!!!!!
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:45 am من طرف قاسم الحريري
» الهيل " الحبهان " : Cardamon
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:42 am من طرف about ... me
» الملـــح.....
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:41 am من طرف about ... me
» الفلفل " القليفله "
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:37 am من طرف abd
» زيت الزيتون
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:36 am من طرف abd
» الشذاب???????
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:34 am من طرف qwer
» السحلب Salep
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:32 am من طرف qwer
» أخطر مافي المسلسلات....مهم جدااااااااا...
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:31 am من طرف زائر
» الآذريون .......
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:30 am من طرف Admin
» [color=red]منشط وطارد للغازات[/color]
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:29 am من طرف Admin
» قصص قصيرة مضحكة
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:27 am من طرف زائر
» نكت حمصيه 5
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:19 am من طرف زائر
» نكت 2011 للمشرفين ........
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:16 am من طرف زائر
» كيف تغذين ذاكرة طفلك في فترة الدراسة ؟؟؟؟؟
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:09 am من طرف زائر
» أسباب فشل الكيك والحلول المناسبة.....
الثلاثاء أكتوبر 12, 2010 7:01 am من طرف زائر
» mohammed hariry
الإثنين أكتوبر 11, 2010 9:46 am من طرف قطر النـــدى
» بتمنا من كل الجميع يشار بهذا الغز
السبت أكتوبر 09, 2010 1:57 pm من طرف قطر النـــدى
» للكبار فقط ....بدون إحراج؟؟؟؟؟
السبت أكتوبر 09, 2010 7:08 am من طرف Admin
» قصيدتي ليله عرس حبيبتي
الخميس أكتوبر 07, 2010 10:50 pm من طرف الساهر
» بالصور ردود للمواضيع.......
الخميس أكتوبر 07, 2010 9:25 pm من طرف زهرة نيسان
» إلى الفتاة المسلمة ...نصائح هكر تائب... مهم جدااا..
الخميس أكتوبر 07, 2010 7:51 pm من طرف قطر النـــدى
» نكت 2013 ..روووووووووووووعة..
الخميس أكتوبر 07, 2010 7:12 pm من طرف زهرة نيسان
» قصة الحلاق والهندي ...حلوووووووووة...
الخميس أكتوبر 07, 2010 7:05 pm من طرف زهرة نيسان
» ܔೋ҉ܔ لماذا جعلت الهموم والأحزان تتجرأ على إنزال دمعتك ܔೋ҉ܔ
الخميس أكتوبر 07, 2010 5:24 pm من طرف قطر النـــدى
» عائشة بنت الصديق
الأربعاء أكتوبر 06, 2010 7:03 pm من طرف قطر النـــدى
» اعراس الحورانيه ؟؟؟؟؟؟
الأربعاء أكتوبر 06, 2010 9:23 am من طرف Admin
» احمد القسيم يا هلابك
الأربعاء أكتوبر 06, 2010 9:19 am من طرف Admin
» تصميم نور عيني٢
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 2:33 pm من طرف Admin
» اسرع شاحنه
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 2:06 pm من طرف Admin
» صور من محبة النبي (صلى الله عليه وسلم)بأمته........
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 2:00 pm من طرف قطر النـــدى
» Masrawy Videohat من سيفوز سيارة بوجاتى فيرون أم طائرة نفاثة
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 1:59 pm من طرف محمد الحريري
» مارسيدس 2010
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 1:58 pm من طرف محمد الحريري
» حملة الدفاع عن أم المؤمنين السيدة عائشة (رضي الله عنها)
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 1:36 pm من طرف قطر النـــدى
» أسرع سيارة نفاثة في العالم .... رهيييييييب
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 1:31 pm من طرف قاسم الحريري
» سياره تحت الماء
الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 1:11 pm من طرف قاسم الحريري
» هااام جداااااااا . .. احذر من أن تكون مسيء للاسلام.......
الإثنين أكتوبر 04, 2010 3:38 pm من طرف قطر النـــدى
» هاني في ارض الاحلام............
الإثنين أكتوبر 04, 2010 2:16 pm من طرف about ... me
» طفل حوراني في السادسة يتقن العمليات الحسابية شفهيا وحل معادلات رياضية
الإثنين أكتوبر 04, 2010 9:54 am من طرف زائر
» الكابالا.... هل تعرف ماهي ؟؟؟
الإثنين أكتوبر 04, 2010 9:38 am من طرف Admin
» وفاة شاب في حادث سير > > >
الأحد أكتوبر 03, 2010 4:47 pm من طرف قطر النـــدى
» قصيدة غير منتهية في تعريف العشق
الأحد أكتوبر 03, 2010 2:06 pm من طرف about ... me
» من مفكرة عاشق دمشقي
الأحد أكتوبر 03, 2010 2:05 pm من طرف about ... me
» يد..........
الأحد أكتوبر 03, 2010 2:04 pm من طرف about ... me
» الشقيقتان...
الأحد أكتوبر 03, 2010 2:03 pm من طرف about ... me
» ثقافتنا......
الأحد أكتوبر 03, 2010 2:01 pm من طرف about ... me
» بداية دروس لغة برمجة المواقع PHP
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:51 pm من طرف about ... me
» الشبكات (B)
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:50 pm من طرف about ... me
» الشبكات (C)
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:49 pm من طرف about ... me
» الشبكات (A)
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:30 pm من طرف about ... me
» هل تعلم ان عندك اكثر من 100 برنامج في حاسوبك
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:29 pm من طرف about ... me
» الويندوز يتكلـــــــــــــــــــــــمممممم
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:28 pm من طرف about ... me
» تعلم الفوتوشوب بسهولة
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:27 pm من طرف about ... me
» اختصارات لوحة المفاتيح العامة في جهاز الكومبيوتر
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:26 pm من طرف about ... me
» بعض من أسرار الكومبيوتر..!!
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:25 pm من طرف about ... me
» اختصارات مفيده لزر الويندوز
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:24 pm من طرف about ... me
» دروس تعليمية في برنامج arcgis
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:21 pm من طرف about ... me
» المسح على الخفين
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:20 pm من طرف about ... me
» سؤال للشيخ محمد معتز عن الوفاة يوم الجمعة
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:19 pm من طرف about ... me
» هل يوجد في القرآن مايسمى بالمنجيات السبع؟؟
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:18 pm من طرف about ... me
» مقترحات لمشروع استبدال الســيارات القديمة
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:15 pm من طرف about ... me
» الرئيس الأســد يصـــدر المرسـوم 80 الخاص بتنظيــم مهنــة الهندســـة
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:14 pm من طرف about ... me
» المؤتمرالدولي للتطويروالاستثمارالعقاري
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:13 pm من طرف about ... me
» 2.2مليار ليرة إيرادات شركة واحدة من الرسائل الخليوية القصيرة
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:12 pm من طرف about ... me
» اثنا عشر سورياً في قائمة أقوى 100 شخصية عربية
الأحد أكتوبر 03, 2010 1:10 pm من طرف about ... me
» لاسف (مؤسف ) أن ترى العنوان ولا تدخل؟؟
الأحد أكتوبر 03, 2010 12:28 pm من طرف قطر النـــدى
» أسباب البركة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الأحد أكتوبر 03, 2010 12:22 pm من طرف قطر النـــدى
» صلوا على رسول الله
الأحد أكتوبر 03, 2010 12:14 pm من طرف قطر النـــدى
» قصيده اهداء لنور عيني
الأحد أكتوبر 03, 2010 12:01 pm من طرف قطر النـــدى
» تصميم نور عيني
السبت أكتوبر 02, 2010 8:01 pm من طرف about ... me
» أمي.............
السبت أكتوبر 02, 2010 7:25 pm من طرف قطر النـــدى
» أغرب خمس شواطىء بالعالم.....
السبت أكتوبر 02, 2010 7:06 pm من طرف قطر النـــدى
» مصطلحات حورانية الجزء الثاني
السبت أكتوبر 02, 2010 2:39 pm من طرف about ... me
» مصطلحات حورانية
السبت أكتوبر 02, 2010 2:32 pm من طرف about ... me
» ~¥قصةقلب جريح¥~
السبت أكتوبر 02, 2010 2:23 pm من طرف about ... me
» لـــ صــحــتـــك
السبت أكتوبر 02, 2010 2:17 pm من طرف about ... me
» احذر مسببات السرطان
السبت أكتوبر 02, 2010 2:14 pm من طرف about ... me
» علاج جفاف العين
السبت أكتوبر 02, 2010 2:13 pm من طرف about ... me
» عندما يفارق المدخن السيجارة
السبت أكتوبر 02, 2010 2:11 pm من طرف about ... me
» صور حلوة .......
السبت أكتوبر 02, 2010 12:45 pm من طرف Admin
» لبيت أنيق ومميز.................
السبت أكتوبر 02, 2010 12:42 pm من طرف Admin
» أغرب الطرق بالعالم.........
السبت أكتوبر 02, 2010 12:40 pm من طرف Admin
» سنة ثابتة مستحبة يغفل عنها الكثير
السبت أكتوبر 02, 2010 12:22 pm من طرف about ... me
» سنة ثابتة مستحبة يغفل عنها الكثير
السبت أكتوبر 02, 2010 12:19 pm من طرف about ... me
» قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم
السبت أكتوبر 02, 2010 12:18 pm من طرف about ... me
» مامعنى في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة ؟
السبت أكتوبر 02, 2010 12:17 pm من طرف about ... me
» من فضائل سورة البقره
السبت أكتوبر 02, 2010 12:16 pm من طرف about ... me